موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

جمال الدين القاسمي ت. 1332 هجري
12

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

محقق

مأمون بن محيي الدين الجنان

الناشر

دار الكتب العلمية

[التَّوْبَةِ: ١٢٢] وَالْمُرَادُ هُوَ التَّعْلِيمُ وَالْإِرْشَادُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) [آلِ عِمْرَانَ: ١٨٧] وَهُوَ إِيجَابٌ لِلتَّعْلِيمِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الْبَقَرَةِ: ١٤٦] وَهُوَ تَحْرِيمٌ لِلْكِتْمَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الشَّهَادَةِ: (وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) [الْبَقَرَةِ: ٢٨٣] وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا) [فُصِّلَتْ: ٣٣] وَقَالَ تَعَالَى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النَّحْلِ: ١٢٥] وَقَالَ تَعَالَى: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) [الْبَقَرَةِ: ١٢٩، آلِ عِمْرَانَ: ١٦٤، وَالْجُمُعَةِ: ٢] وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَقَوْلُهُ ﷺ لَمَّا بَعَثَ معاذا إِلَى الْيَمَنِ: " لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " وَقَالَ ﷺ: " مَنْ عَلِمَ عِلْمًا فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ " وَقَالَ ﷺ: " إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَرْضِهِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ " وَقَالَ ﷺ: " إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " وَقَالَ ﷺ: " الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ " وَقَالَ ﷺ " رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى خُلَفَائِي، قِيلَ وَمَنْ خُلَفَاؤُكَ، قَالَ " الَّذِينَ يُحْيُونَ سُنَّتِي وَيُعَلِّمُونَهَا عِبَادَ اللَّهِ ". وَمِنَ الْآثَارِ مَا رُوِيَ عَنْ معاذ أَنَّهُ قَالَ: " تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، وَمُدَارَسَتَهُ تَسْبِيحٌ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ، وَهُوَ الْأَنِيسُ فِي الْوَحْدَةِ، وَالصَّاحِبُ فِي الْخَلْوَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى الدِّينِ، وَالْمُصَبِّرُ عَلَى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا فَيَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ قَادَةً سَادَةً هُدَاةً يُقْتَدَى بِهِمْ، أَدِلَّةً فِي الْخَيْرِ، تُقْتَصُّ آثَارُهُمْ، وَتُرْمَقُ أَفْعَالُهُمْ، يَبْلُغُ الْعَبْدُ بِهِ مَنَازِلَ الْأَبْرَارِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى ; وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ يُعْدَلُ بِالصِّيَامِ،

1 / 15