مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
تصانيف
ثم قال عليه السلام بعد كلام طويل: التعليل لتحريمها بالتهمة صحيح، وأما دعوى أنها زالت بموته صلى الله عليه وآله وسلم فغير مسلم؛ أما دليل صحة التعليل الأول؛ فلأن الله تعالى قد نفى عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سؤال الأجر من المبعوث إليهم من الجن والإنس تنزيها له عن التهمة؛ وفي صرفها في بني هاشم مضادة لهذا التنزيه.
وأما وجه بطلان قول من قال: إنها زالت بموته فأمران:
الأول: أنها جرت عادة الناس بالسعي على أولادهم فيما يعود نفعه في حياتهم أو بعد مماتهم، بل ربما كان الحرص على طلب ما يعود عليهم بعد الممات أكثر منه في الحياة؛ وهذا موجب للتهمة ومؤكد لها في كل زمان؛ والمعاند من الكفار الذي يجب إقامة الحجة عليه مثل قوله تعالى: ?قل ما سألتكم من أجر فهو لكم?[سبأ:47] موجود في كل عصر من الأعصار.
والأمر الثاني: أن الإمامة والخلافة لا تكون إلا فيهم؛ فهم ولاة الأمر، ولا يبعدون عن التهمة إلا بتنزههم عنها، أما من يصلح للإمامة فواضح، وأما غيرهم كالنساء فلأنهم ممن يمونون؛ ولا شك أن دليل تحريمها مخصص لعموم قوله تعالى: ?إنما الصدقات للفقراء?[التوبة:60] انتهى كلامه عليه السلام.
وهاهنا نكتة يحتاج التنبه لها وهو: أن الزكاة[133ب] عندنا تجب مما أخرجت الأرض في نصاب فصاعدا وهو: خمسة أو سق؛ والخلاف لزيد وأبي عبد الله الداعي وأبي حنيفة فأوجبوها في قليل ذلك وكثيره؛ والناصر عليه السلام اعتبر النصاب في البر والشعير والتمر والزبيب لا غيرها؛ والحجة للمذهب حديث أبي سعيد المتفق عليه، وحديث جابر وفيه: ((وليس فيما دون خمسة أو سق صدقة)). وفي الباب أحاديث كثيرة.
صفحة ٤٥٥