مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
تصانيف
(قصص وحكم وآداب)
خرج بعض ملوك العجم، فانفرد عن أصحابه وانتهى إلى بستان فيه امرأة ذات هيئة.
فقال لها: مثلك لا ينبغي أن يكون في مثل هذا الموضع.
قالت: كذا يكون الناس إذا لم يكن لهم ملك ينظر في أمورهم.
قال: وما ذاك؟
قالت: إن زوجي مات وترك عيالا علي، وترك ضيعة لنا نعيش بها، فعدى علينا وزير الملك فأخذها، فأتيت القاضي فلم ينصفني، وأتيت الحاجب ليدخلني على الملك فلم يفعل، فقال: خذي هذا الكتاب فانطلقي به إلى صاحب الشرطة فإنه سينصفك.
قالت: لا أرجو الإنصاف.
قال: ليس يضرك هذا الكتاب إن لم ينفعك.
فمضت به إلى صاحب الشرطة فقبله وقرأه، ثم دعا الجلادين وقال: إن الملك أمر أن أقوم فتجلدوني بالسياط حتى يبتل عقبي من دمي -فضربوه، ثم قال: إن الملك يأمرني أن أسود وجهي، وأركب الجمل ووجهي إلى ذنبه، ويقاد الجمل بي إلى باب الملك -ففعلوا ذلك- فلما انتهى إلى باب الملك قال: ما حملك على أن أتتك امرأة متظلمة فلم تنصفها؟ قال :خفت وزيرك، فأمر بضرب عنق الوزير ورد الضيعة على المرأة وقال: إن الملك لا يدوم إلا بالعدل، فإذاكان بالظلم فذلك عليه وليس بملك.
صفحة ٣٦١