ولما اطلعت فيما يسره الله لي من المطالعات على ما وضعه كل فريق لجماعته من التراجم البسيطة وغير البسيطة، وقد كان لأهل البيت من ذلك أكثر مما للفقهاء، فإن كل إمام داعي من أئمتهم له في إمامته وصفاته الخلقية والخلقية مجلدات تساوي السيرة التي اعتنى بها ابن هشام، بل ربما كان للإمام ثلاث سير يعتني بها ثلاثة من العلماء، ولكن الزيدية - كثرهم الله - اقتصروا على هذا النوع في ذكر علمائهم، ورأوا أن العناية بالمتبوع تغني عن التابع، فإن رؤساء الأمة هم دعاة آل محمد - صلوات الله عليه وعليهم - فاقتصروا على ذلك، ووقع الإخلال بذكر جماعة من العلماء النبلاء أهل الكمالات في العلميات والعمليات ممن تشد إليهم الرحال (وتثني(1) عليهم الخناصر عند تعداد الكملة من الرجال)، مع أنهم ليسوا كغيرهم بل لهم مقام أجل إذ هم الأتباع الموافقون لآل محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - في الأقوال والأفعال.
وقد روى الحسين - عليه السلام - عن جده - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما رواه الطبراني في (الأوسط): ((الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله - عز وجل - وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفس محمد بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا)).
صفحة ١٢