المطلب الحميد في بيان مقاصد التوحيد
الناشر
دار الهداية للطباعة والنشر والترجمة
رقم الإصدار
الطبعه الأولى ١٤١١هـ ١٩٩١م
تصانيف
العقائد والملل
وفي بعض الروايات: أنه سجنه ومنعه١ الطعام والشراب أياما ثم أرسل إليه بخمر ولحم خنزير فلم يقر به ثم استدعاه فقال: ما منعك أن تأكل فقال: أما إنه قد حل لي ولكن لم أكن لأشتمك بي فقال الملك فقبل رأسه فأطلق معه جميع أسارى المسلمين عنده فلما رجع قال عمر بن الخطاب ﵁ حق على كل مسلم أن يقبل راس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ فقام فقبل رأسه رضي الله عنهما٢.
قال العماد ﵀: تعالى: وكما كان بلال ﵁ يأبى على المشركين ذلك وهم يفعلونه به الأفاعيل حتى أنهم ليضعون الصخرة العظيمة على صدره في شدة الحر ويأمرونه أن يشرك بالله فيأبى عليهم وهو يقول: أحد أحد. ويقول: والله لو أعلم كلمة هي أغلظ لكم منها لقتلها. ﵁ وأرضاه.
وكذلك حبيب بن زيد الأنصاري ﵁ لما قال له مسيلمة الكذاب: أتشهد أن محمدا رسول الله فيقول: نعم فيقول: أتشهد أني رسول الله فيقول: لا أسمع فلم يزل يقطعه إربا إربا وهو ثابت على ذلك.٣
قلت: فهذه حال أصحاب رسول الله ﷺ وما لقوا من المشركين من شدة الأذى فأين هذا من حال هؤلاء المفتونين الذين سارعوا إلى الباطل وأوضعوا فيه وأقبلوا وأدبروا وتوددوا وداهنوا وركنوا وعظموا ومدحوا؟!! فكانوا أشبه بما قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾ [الأحزاب:١٤] نسأل الله تعالى الثبات على الإسلام وتعوذ به من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ومن المعلوم أن الذين أسلموا وآمنوا بالنبي ﷺ وبما جاء به لولا أنهم تبرءوا من الشرك وأهله وبادؤا٤ المشركين بسبب دينهم وعيب آلهتهم لما
_________
١ "ط": ومنع منه.
٢ تفسير القرآن العظيم ٤/٥٢٦.
٣ المصدر السابق ٤/٥٢٥.
٤ "ط": وبادروا.
1 / 135