ولما تعرف العرب من البلادة ما عرفوه، صنع السلمي بالضب ما صنع من قوله: لا أومن بك أو يومن هذا الضب، فأنطلق الله الضب بالإيمان، فكان له صلى الله عليه وسلم من أكبر معجز. روى الدارقطني والبيهقي وشيخه الحاكم وشيخه ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في محفل من أصحابه، إذ جاءه أعرابي من بني سليم قد صاد شيئا وجعله في كمه، فذهب به إلى رحله، ورأى جماعة محتفين بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال)(¬1): على من هؤلاء الجماعة؟، قالوا : على هذا الذي يزعم أنه نبي، فأتاه(¬2)فقال: يا محمد ما اشتملت النساء على ذي لهجة أكذب منك، فلولا أن تسميني العرب عجولا لقتلتك، فسررت بذلك الناس أجمعين. فقال عمر: دعني أقتله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا، ثم أقبل الأعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: واللات والعزى لا آمنت بك ان(¬3)يومن هذا الضب، وأخرج الضب من كمه فطرحه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ان آمن بك آمنت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ضب، كلمه الضب بلسان فصيح عربي مبين تفهمه القوم أجمعين(¬4): لبيك وسعديك يا رسول الله، يا رسول رب العالمين.
صفحة ١٠٦