فان قلت: فما سر ذلك الضب دون سائر الحيوانات في سياق التحذير والإعلام لنفوذ القضاء في هذا الاتباع، الذي هو غايته راجع لترك المعلوم، والتحيز ونسيان ما أمر الله به في عدم الهداية إلى الطريق المستقيم، والمخادعة عن الحق، وقطع ما أمر الله به أن يوصل من اتباعه، مع الركاكة والخبث، وتعاطي ما تعافه القلوب، بل العقول السليمة، والبلادة، والبعد عن العلم النافع.
أما التحيز والنسيان والضلال، إلى آخره، فلأنه يضرب به المثل في ذلك، فيقال: أضل من ضب(¬1)ولذلك يحفر جحره عنه أكمة أو صخرة لئلا يضل إذا خرج لمطعمه. ويقولون: أخدع من ضب(¬2)ومن خداعه، أنه يوادد العقارب، ويهينها في جحره لتلسع المحترش إذا أدخل يده لأخذه.
قال: وأخدع من ضب إذا جاء حارش أعد له عند الذئابة عقربا(¬3).
وأما العقوق فيقال: أعق من ضب(¬4)، وذلك أن انثاه تأكل أولادها مع كثرتها، وذلك أنها تبيض (10=189/أ) نحو السبعين في التراب وتتغذاها كل يوم حتى تخرج في نحو أربعين يوما.
وفي ذلك يقول الشاعر:
صفحة ١٠٤