مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
تصانيف
أقول: الاجبارات المحرمة والفاسدة، والبياعات الفاسدة، والبياعات المحرمة والفاسدة إما أن تقع فيما لايجوز تملكه أو فيما يجوز تملكه، لكن وقعت على الوجه الممنوع. فأما الثاني فلم يقل به احد بأن يتصدق بثمنه، وسواء كان ذلك الشيء المبيع مما لايجوز بيعه كالآبق والشارد، أو مما يجوز لكن وقع على وجه فاسد، والحكم في جميع ذلك فسخ البيع ورد المبيع للبائع والثمن للمشتري مع القيام ولزومه القيمة مع الفوات، وأما ما لايجوز تملكه كالخمر والخنزير وما لايجوز فعله كقتل النفس ظلما وحمل الخمر ونحوه، فهذا هو الذي قيل فيه بالصدقة بالثمن، وبالاجارة في بعض صوره. وما أن للعوض عليه محرم، وإلا يقل بالصدقة في كل عقد فاسد، فإذا باع المسلم خمرا من مسلم فعثر على ذلك الخمر بيد البائع لم يدفعها إلى المشتري بعد كسرت عليه وانتقض البيع وسقط الثمن عن المشتري ان كان لم يدفعه، قولا واحدا. ولو كانت هناك عقوبة بالمال لأخذ ثمن الخمر منه أو غيرها وتصدق به عليه، وكذلك أيضا، لو كان باعها المسلم من نصراني ولم يدفعها له ولم يقبض الثمن، لكان الحكم كذلك، فإن العقوبة بالمال ها هنا.
فإن قلت: العقوبة بالمال كسر الخمر، كما قال المملي، واراقتها. فاحتج باراقة الخمر على بائعها أو مشتريها على العقوبة بالمال.
قلت: هذا نهاية الغباوة أو التغابي. إذا كان يقال باراقة الخمر من العقوبة بالمال، والخمر غير متملكة، وما لا يملك ليس بمال.
فان قلت: هذا وان تم لك في المسلم، فقد تكسر على مبتاعها النصراني في بعض الصور وفي بعض الاقوال، والنصراني يملك الخمر.
قلت: إنما يكون ذلك إذا اشتراها من مسلم، وإذا كان الأمر كذلك لم يقع عليها ملك بوجه.
صفحة ٢٦٦