قلت : قول القائل:
وإن الذي بيني وبين بني أبي ... ... وبين بني عمي لمختلف جدا
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
لولا الاغترار بكلامه في تحليل ما علم تحريمه، ما كنا لنتعرض إليه بوجه، وقد اختلط بالبر عليمه.
قال: فقلت له على وجه المذاكرة.
أقول: لو أنصف، بصره الله، لقال: فقلت على وجه الفتوى والإشارة، ولا سيما أنه وقع في غير هذه النسخة من الإملاء، أن أمير المؤمنين استشار في هذه القضية.
قلت: وما يستشير إلا ليقف على الحق، وجواب المستفتي والمستشير إنما هو الفتوى والإشارة لا المذاكرة. وتبريه من الواقع الذي هو الفتوى، مشعر بأنه بين له ضعف ما فاه من الدعوى. فليت شعري ! ما الذي حمله على أن نبذ بالعراء ما طوقه وحمله؟، فبدأ في المسألة وأعاد، وطول، فما أجدى ولا أفاد، وزاد وأكثر، فما قل منه خير مما كثر، من غير مبالاة فيما جاء به من التناقض، ما اشتمل عليه الكلام من التدافع والتعارض. ثم هو يجيء في استدلاله، إنما هو بمتروك، أو بمنسوخ، أو بمأول، أو بمردود، أو بضعيف، أو بباطل، فيكتم ما أوجب الله من البيان، ويركض فيما لا يعتمد عليه من ذلك ملء العنان. وهيهات، فما لشمس الضحى من خفاء، وما لنور الله من انطفاء، وصولة الحق للباطل دامغة، ولله الحجة البالغة. لايثبت للباطل مع الحق قدم، والدجاج فيه غايته الملامة، وعقابه الندم.
بناء المسألة على قاعدة المصالح المرسلة والجواب عنه من وجوه
قال: هذه المسألة ينبغي أن تجري على حكم المصالح المرسلة، وهو الوصف المناسب الذي لم يشهد له الشرع بإهدار ولا باعتبار.
أقول: هذا الكلام فاسد، وقول عن سبيل (8=188/أ) الحق حائد، وذلك من وجوه:
صفحة ٩٩