صغيرة، وبها بساتين وأشجار كثيرة، وفيها جامع لطيف بالدفوف الثقيلة مفروش، وبه منبر لعله من الخشب لكنه مستور بالجص المنقوش، وبه تختات مرتفعة زيادة فيه كالسدة، لكنها أكثر من نصفه تسع من المصلين عدة، وأقمنا به من ذلك الوقت إلى العصر، ثم سرنا إلى الخيام بعد أن دعا لنا جماعة ممن حضر الصلاة والإمام، وخارجه منارة عالية ذات طول مديد، وهي مفردة في المدينة تُرى من خارجها من نحو نصف بريد، والبرد فيها موجود، والقطر غير مدفوع ولا مردود، ولا يدرك بها من الزرع شيء كالقمح وما شابهه، ولا غير القراصيا من جنس الفاكهة، وهي شقراء وبعضها شقة بيضاء وشقّة حمراء، فنزلنا خارج المدينة بمرج أفيح، فيه للطرف مسرح وللخواطر مسنح، زكي المرابع (زهي المراتع)، يجري إلى جانبه نهر نهاية في العذوبة والخصر، فارتاحت الأنفس من الحَصْر والألسن من الخضر، ونسيت بحلاوة اليوم ما مرّ بالأمس، وباشرت الملاذ بالحواس الخمس، فأقمنا بقية ذلك النهار ثم ليلة الجمعة رابع عشر الشهر إلى وقت الاستغفار، وانقطع منّا فيها لمواصلة السير جماعة، منهم الشيخي البرهاني ابن جماعة، ثم سرنا من ذلك المكان وقد:
كحّلَ الفجرُ لنا جفنَ الدّجى ... وغدَا في وجنةِ الصبحِ لثاما
تحسبُ البدرَ مُحَيَّا ثَمِلٍ ... قد سقتهُ راحةُ الصبحِ مُداما
قونية
ولم نزل نسير ونسري، وننزل منازل لا نعلم اسمها ولا ندري، حتى سرينا
1 / 101