المال، حكمنا على معزول السرى بالاستعمال، ومتواني السير بالاستعجال، ولم نزل نجهد في سلوك مهامة تجمع بين النفس والجزع، وتتصيد عنقاء البسالة في شرك الفزع، ونصعد أنف كل تنوفة وثنية، ونعقد لجهاد كل ماذق ومارق أفضل نية ما بين غابات أشجار تضيق الأنفاس، أحسن أنواعها البُطْم والبَلُّوط وشيء قليل من الآس، فقيّلنا بحدرة من جملة الهيش، بها بعض ماء حار وحشيش، وبتنا ليلة الثلاثاء بمكان من جملة جبال الوَرْسَخ، بين غابات محتبكة وجبال شُمَّخ، لا مغيث بها لمظلوم ولا مستصرخ، فبت ونيران الفؤاد لا تتبوخ، وغليله لا يروي ولا ينفخ، والصدر لا يتفسح من كربه بل يتفسخ، والضلوع تقصف من بعض ذلك وترضخ، والدموع تنضح صحن الخد وتنضخ، وأنا متمثل بقول القائل:
أحبائي ما لي بحياتي نفعُ ... مذ عزّ لشملنا بشت جمعُ
في الليل إذا أرّقني ذكركم ... أبكي أسفًا جهد المقل الدمعُ
وبقول الآخر:
1 / 95