مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
الناشر
المكتب الإسلامي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٥هـ - ١٩٩٤م
تصانيف
الفقه الحنبلي
إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ
(فِي الْأَحْكَامِ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهَا، (كُلُّ مُوَفَّقٍ) أَيْ: مُطِيعٍ لِلَّهِ تَعَالَى، مُمْتَثِلٍ لِأَوَامِرِهِ، مُجْتَنِبٍ لِنَوَاهِيهِ، مُسَدِّدٍ أَيْ: نَاهِجٍ مَنْهَجَ الصَّوَابِ.
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ: الرَّحْمَةُ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ: الِاسْتِغْفَارُ، وَمِنْ غَيْرِهِمْ: التَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ بِخَيْرٍ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْجَارِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْجُمْهُورِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ " بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ " وَرَدَّهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَايَرَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ ﴿عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٥٧] .
الثَّانِي: أَنَّ سُؤَالَ الرَّحْمَةِ يُشْرَعُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَالصَّلَاةُ تَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَآلِهِ، فَهُوَ حَقٌّ لَهُ وَلِآلِهِ، وَلِهَذَا مَنَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الصَّلَاةَ عَلَى مُعَيَّنٍ غَيْرِهِ، يَعْنِي: وَعَلَى غَيْرِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدٌ مِنْ التَّرَحُّمِ عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. الثَّالِثُ: أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ عَامَّةٌ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَصَلَاتَهُ خَاصَّةٌ لِخَوَاصِّ عِبَادِهِ. وَقَوْلُهُمْ: الصَّلَاةُ مِنْ الْعِبَادِ، بِمَعْنَى الدُّعَاءِ: مُشْكِلٌ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا - أَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالصَّلَاةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْخَيْرِ.
الثَّانِي: أَنَّ دَعَوْتُ يَتَعَدَّى بِاللَّامِ، وَصَلَّيْتُ لَا يَتَعَدَّى إلَّا بِعَلَى، وَدَعَا الْمُعَدَّى بِعَلَى لَيْسَ بِمَعْنَى صَلَّى، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ.
الثَّالِثُ أَنَّ فِعْلَ الدُّعَاءِ يَقْتَضِي مَدْعُوًّا وَمَدْعُوًّا لَهُ، تَقُولُ: دَعَوْتُ اللَّهَ
1 / 14