فثبت بها أن النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وصف الفئة القاتلة عمارا بكونها باغية وصفة البغي لا ينفك عنها لازمها.
والبغي في اللغة عبارة عن الظلم وقصد الفساد فكل من كان باغيا كان ظالما جائرا، ومن كان ظالما جائرا كان قاسطا خارجا عن طاعة ربه، فتكون الفئة القاتلة عمارا متصفة بهذه الصفات بخبر الصادق المعصوم ((صلى الله عليه وآله وسلم)).
وقد ثبت ثبوتا محكوما بصحته منقولا بالخبر المستند إلى الإدراك بالحواس أن عمارا كان يقاتل بين يدي علي ((عليه السلام)) لمعاوية وأصحابه في أيام صفين، وأنه في آخر أمره استسقى يوما من صفين فأتي بقعب فيه لبن، فلما نظر إليه كبر وقال: أخبرني رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) أن آخر رزقي من الدنيا ضياح لبن في مثل هذا القعب، فشربه ثم حمل فلم يثن حتى قتل في سنة سبع وثلاثين من الهجرة وعمره يومئذ ثلاث وتسعون سنة ودفن بالرقة وقبره الآن بها.
وروى صاحب كتاب صفة الصفوة بسنده أن عبد الله بن سلمة قال: سمعت عمارا يوم صفين وهو شيخ في يده الحربة، وقد نظر إلى عمرو بن العاص معه الراية في فئة معاوية يقول: إن هذه راية قد قاتلتها مع رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ثلاث مرات، وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى بلغونا سعاف هجر لعرفت أنا على الحق وأنهم على الضلالة.
وإذا وضح أن عمارا تقتله الفئة الباغية، فثبت لها تلك الأوصاف المقدم ذكرها على لسان رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)).
وأما المارقون فهم الخارجون عن متابعة الحق، المصرون على مخالفة الإمام المفروضة طاعته ومتابعته المصرون بخلعه، فإذا فعلوا ذلك واتصفوا به تعين قتالهم كما اعتمده أهل حروراء أو النهروان، فقاتلهم علي ((عليه السلام)) وهم الخوارج، فبدأ علي ((عليه السلام)) بقتال
صفحة ١٠٦