في الوكالات فابحثي عن وكيل (ينصرف وهو عند الباب.)
هو ذا مذهبي وهذا شعاري
وهو للناس من زمان شعار
لم أحاسب وكان في البيت قط
كيف أرضى وليس في البيت فار
فهذا الحوار وإن كان يشف عن مبلغ جشع المماليك، وقسوتهم حتى ليحصلون ضرائب عشر سنوات لم يحل منها غير ضرائب عام واحد، إلا أنه ينم أيضا عن مبلغ ضعف الشعب حتى ليدين لكل باغ عات، وحتى ليطاوعه ظهره للضرب ويواتيه دون تمرد أو إباء، وبذلك لا يرتفع هذا الشعب عن مستوى شعب كليوباترة الذي أثار ثائرة النقاد، فنزل شوقي عند حكمهم وأسقط هذا الفصل، وإن ظل مع ذلك يلطخ صورة حكم المماليك، بأحلك الألوان التي يمليها التاريخ.
ولعل شوقي قد أحس في مسرحيته القديمة، بأن بطل قصته وسط كل تلك المخازي التي تلطخ جبين ذلك العهد، لم يفز بعطف المشاهدين أو القراء، وبذلك يضعف تأثير المسرحية العاطفي، فحاول أن يكسب هذا البطل شيئا من النبل بأن أبرز سمو خلقه الوطني، فجعله يرفض معونة الروس بعد أن تحالف ضده المماليك والأتراك، وهرب إلى والي عكا، صديقه الشهم ضاهر العمر، كما اتخذ من هذا الموقف وسيلة لتصوير عنصر دراماتيكي يدور في نفس هذا البطل حيث يقول:
مالي قعدت وتركيا مقهورة
والروس حولي يخطبون ودادي
أسطولهم بيدي وقائدهم معي
صفحة غير معروفة