المسلك في أصول الدين

المحقق الحلي ت. 676 هجري
140

المسلك في أصول الدين

فإن قيل : لا نسلم لزوم أحد القسمين لأنه يمكننا فرض ثالث ، إذ يمكن أن يكون فعل المعجز مشتملا على مصلحة خفية عند دعوى المدعي غير التصديق ، فيفعل المعجز تحصيلا لتلك المصلحة ، ثم لا يلزم العبث ولا الإيهام ، لأن العقل يشهد بالاحتمال. سلمنا ذلك لكن متى يدل على التصديق إذا كان من فعل الله أو من فعل غيره؟ الأول مسلم ، والثاني ممنوع ، لكن الاحتمال قائم ، إذ يجوز أن يكون فعال بعض مردة الجن ، فلا يكون دالا على التصديق ، كما أنه لو ادعى إنسان الوكالة عن غيره ، وقال : إنه يرفع عمامته في ملأ ، فإن بتقدير أن يرفعها غيره لا يكون ذلك دلالة. ثم ومن المحتمل أن يكون فاعل ذلك المعجز هو المدعي ، إما لاختصاصه بنفس قابلة لما لا يقبله غيرها من الإفاضات العقلية ، فيكون لها من قوة التأثير في هذا العالم ما ليس لغيرها ، وإما لاطلاعها في خواص العقاقير على ما يتيسر معه فعل ذلك الأمر ، أو لاحتمال أن يطلع من العزائم وحيل السحر على ما يوصل إلى ذلك ، ومع احتمال ذلك ، لا يبقى وثوق بأنه تعالى أراد التصديق. (34)

الجواب قوله : «لا نسلم الحصر» قلنا : قد بينا ذلك .

قوله : «يحتمل أن يكون المعجز فعلا لمصلحة خفية اتفقت عند دعوى النبوة» قلنا : المحذور لازم ، لأنا نتكلم على تقدير عدم العلم بتلك المصلحة وفقد الدلالة عليها ، فلو فعل لها والحال هذه للزم الإيهام.

قوله : «العقل يشهد باحتمال ذلك فينتفي الإيهام» قلنا : الاحتمال

صفحة ١٦٢