الذي هو مما اختص الله تعالى به هذه الأمة دون سائر الأمم، وبين نقص غيرهم على لسان نبيه ﷺ في إسقاط عدالتهم، وعدم جواز الرواية بالعنعنة عنهم بقوله: «بينوا عني ولو آيةً، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» .
قال العلماء: أي ولا حرج في إسقاط الرواية عنهم، حيث لم يكونوا أهلًا للضبط والعدالة، وقد صح عن عبد الله بن المبارك الإمام أنه قال: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
وقال أحمد بن حنبلٍ الإمام: طلب الإسناد العالي سنةٌ عمن سلف.
وقيل ليحيى بن معينٍ الإمام في مرضه الذي مات فيه: ما تشتهي؟ قال: بيتٌ خالٍ، وإسنادٌ عالٍ.
وقال محمد بن أسلم الطوسي الإمام الزاهد: قرب الإسناد قربةٌ إلى الله تعالى.
ولذلك كان السلف الصالح رحمة الله عليهم ينهون عن إسقاط الإسناد غاية النهي، حتى أنهم لم يرووا حكايةً ولا شعرًا إلا بالإسناد إلى المروي عنه، حتى لا يدعي أحدٌ كلام غيره أو شعر غيره، فقد فعله كثيرٌ ممن فضحه الله ببركة الإسناد وجهابذته، فما ظنك بالحديث والتفسير والفقه الذي هو علم الشريعة خاصةً من بين سائر العلوم، حتى لو أوصي لأهل العلم أو لعلماء الشرع لم يصرف إلا إلى علماء التفسير والحديث والفقه، وناهيك بهم شرفًا.
ولا اغترار بكثرة عدد من ترك الإسناد في علومه في أقطار البلاد، بل ربما أنكره مستغنيًا عنه بسواد بياض منقطع الإسناد، محتملٍ للزيادة
1 / 86