وتوفي ضحوة يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان سنة ثلاث وتسعين وست مئة ببستانه بسفح قاسيون، وصلي عليه بين الظهر والعصر من يومه بالجامع المظفري، ودفن إلى جانب والده بتربتهم، بالقرب من حمام النحاس.
قال: الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني:
إمام كبير، وصدر جليل، كان والده قاضي القضاة بالشام في أيام المعظم وغيره، وسار أحسن سيرة، وكان كثير مكارم الأخلاق، محببا إلى الرعية، وتوفي وابنه هذا صغير دون البلوغ، فاستغل بالعلم وربي على طريق حسن من ملازمة الاشتغال وعدم الالتفات إلى غيره، من أمور اللعب والاجتماع بالناس.
وولي تدريس المدرسة الدماغية وهو شاب، ثم تولى قضاء القدس، وانتقل إلى الديار المصرية بسبب ورود التتار إلى البلاد، فاشتغل هناك وبرع، وولي قضاء البهنسة والمحلة، ثم انتقل إلى حلب قاضيا بها مستقلا ورجع بعد ذلك إلى الديار المصرية، وترقى به الحال إلى أن تولى قضاء القضاة بالقاهرة وبقي بها مدة، ونقل منها إلى قضاء الشام واستمر فيه إلى أن توفي، ودرس بالعادلية والغزالية، ودرس بالناصرية مديدة.
وكان فاضلا جليلا جامعا لفنون شتى، يعرف الفقه وأصوله، وأصول الدين، والنحو، والخلاف، وعلوم الأدب، من البيان والمعاني والعروض وغيره، وكان يعرف الحساب، والفرائض، والجبر والمقابلة، ويشارك في إقليدس وغيره من نوعه.
صفحة ٩٠