وقسم يدخلون النار بغير حساب وهم المشركون. فبنيت النظم على ما هنالك ثم ظهر لي بعد ذلك خلافه بظاهر قوله تعالى ((زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم))([3]) فهذا صريح بأن منكري البعث ينبؤن بأعمالهم وقوله تعالى ((وقفوهم إنهم مسؤولون))([4]) وفي السنة عن صلى الله عليه وسلم ((يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا ليس عليهم حساب فقيل هلا استزدت ربك فقال استزدت فزادني كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا فقيل له هلا استزدت ربك فقال استزدته فزادني ثلاث حثيات بيده الكريمة))([5]) أي برحمته والثلاث الحثيات ثلاث دفعات قال القطب رحمه الله: وحيث ورد نفي الحساب عن المؤمن فالمراد نفي المناقشة بعد أن قال ولا يسأل نبي أو مشرك عمله شيئا فشيئا، وقيل يسأل المشرك ثم قال بعد ذلك هذا تحقيق المقام فدع ما سواه، وتلخيصه أن سؤال شيئا فشيئا كائن لما عدا الأنبياء من مؤمن وفاسق، والخلاف في المشرك (قوله ليعلما) إشارة إلى حكمة حساب المؤمن المقصر أي ليعلم نعمة الله عليه حيث محا عنه سيئاته وأثبت له حسناته مضاعفة.
(قوله أو فاسق) أي فسق غير شرك على ما القواعد.
(قوله ليكثر التندما) أي التأسف على ما فرط في جنب الله وهي الحكمة في حسابه (قوله وما عداهما) أي المؤمن المقصر والفاسق الغير المشرك.
(قوله إلى الجنان بلا حساب) وهم المؤمنون الموفون والجنان جمع جنة وهي دار الثواب فيجب اعتقاد وجودها في الآخرة وأنها غير فانية وان أهلها غير منتقلين عنها بفناء ونحوه، وأن لهم ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم.
صفحة ١٠٣