( قوله وإن أتى بعكسه) أي بعكس الظاهر أي إذا دل دليل على أن المراد من هذا اللفظ غير ظاهره ترك الظاهر وأخذ بذلك الدليل، والأخذ به يسمى تأويلا للفظ وهذا معنى قولهم ولا يعدل عن الظاهر إلا بدليل. وذهبت الباطنية إلى أن الأخذ بخلاف الظاهر هو الراجح سواء كان مع دليل أو لا وهي مقالة باطلة قائلها فاسق لأنها تفضي إلى تعطيل غالب الأحكام الشرعية، ولهم فيها أباطيل افتضحوا بها بين الملا ذكر بعضها صاحب العدل فراجع العدل إن شئت.
(قوله صير إليه) أي الدليل لأنه أقوى حينئذ من الظاهر وذلك أنه لما كان اللفظ لمعنيين ظننا أن المراد أظهرهما مع أنا نجوز أن يراد المعنى الآخر، فلما دل الدليل على أن المراد المعنى الثاني عرفنا أن الظاهر لم يكن مرادا وذلك الدليل إما أن يكون قطعيا فيوجب القطع بإرادة الباطن أو ظنيا فيفيد الظن بإرادته، واختلف حينئذ في الصيرورة إليه لأنه دليل ظني أيضا فذهب بعضهم إلى أن الأخذ بالظاهر أولى لأنه الأصل، وذهب آخرون إلى أن الأخذ بالدليل الظني أولى وهو المذهب. قال البدر: وإن تعارض العموم وأخبار الآحاد فالأولان أقوى من الظاهر ا. ه.
والعدول عن الأصل ممنوع فيما إذا كان بغير دليل، وهذا دليل قوى أحد معنيي اللفظ على الآخر وإن كان أظهر فأخذ به. وذهبت الحنفية إلى أن حكم الظاهر قطعي فلا يعدل عنه إلا بقطعي هو أقوى منه، ودعوى القطعية غير مسلمة لأنا نظن أن المراد ظاهره لكثرة إرادة المعنى الباطن بنصب الأدلة عليه، ولما كثر ذلك الاستعمال ظننا أن الظاهر هو المراد لاحتمال أن يراد من ذلك اللفظ باطنه بدليل لم يبلغنا.
(قوله وهو التأويل) أي المصير إلى عكس الظاهر هو التأويل وعرفوه بأنه حمل الكلام على المحتمل المرجوح من معاني اللفظ.
صفحة ٦٥