إن كان من أنا جعلناه فما = في الجعل إن أنصفت من تبيان إلى آخره وقد عارض أخونا الراشدي رحمه الله تعالى هذه النونية بنونية أخرى أصاب فيها فصل الخطاب، سماها فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن أولها:
انكرت جهلا فطرة القرآن= وجعلت كالمولى قديما ثاني
ولئن من الله علي لأكتبن عليها شرحا يفتح مغلقها ويشهد بصوابها (قوله لإمكان العدم) لأن ما أمكن عدمه استحال قدمه، وبهذا تنكشف شبهة القائلين بقدم القرآن حيث استدلوا عليه بأنه غير فان لقوله تعالى ((وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين))([11]) وهذا الكلام لا شك أنه قرآن (وجوابهم) أن إمكان الفناء يكفي في الدلالة على الحدوث لو لم يقع الفناء كيف وليس في الآية دليل على أنه غير فان بالفعل..؟
(قوله ولانفراده تعالى بالقدم) فلو كان القرآن قديما لكانا قديمين فتبطل الوحدانية في القدم المقطوع بثبوتها لله عز وجل (لا يقال) إن الكلام صفة المتكلم فلا يلزم من قدمها معه تعدد القدماء لأن الصفة ليست غير الموصوف (لأنا نقول) أن أريد بالكلام الكلام المنزل فلا إشكال أنه غيره، وإن أريد به الكلام الذاتي فقد بينا أن صفات الذات هي عين الذات أي مدلولها عين ذاته تعالى، فليس هنالك غير الذات العلية حتى يوصف بالقدم وغيره فسقط ذلك الاعتراض.
---------------------------------------------------------------------- ---
[1] - سورة طه آية رقم 113، وسورة الزمر آية رقم 28، وسورة فصلت آية رقم 3، وسورة الزخرف آية رقم 3.
[2] - سورة الزخرف آية رقم 44 وتكملة الآية (ولقومك وسوف تسألون)
[3]- سورة الشعراء آية رقم 5 وتكملة الآية (إلا كانوا عنه معرضين) وقد جاءت الآية محرفة في المطبوعة حيث قال (ما يأتيهم) وصوابها (وما يأتيهم)
[4] - سورة هود آية رقم 1
[5] - سورة البروج آية رقم 22
[6] - سورة العنكبوت آية رقم 49
[7] - سورة الزخرف آية رقم 3
صفحة ٥٧