( واعلم) إن حكم كفر النعمة إنما كان على هؤلاء لما أدى إليه مذهبهم من تعذيب المؤمنين كما زعم بعضهم أن هذه الأمة لا يصلحون لسكون الجنة إلا بعد تصفيتهم بالنار، فتزيل الغش عنهم أما من زعم أنهم يدخلونها وهي خامدة لا يسمعون لها حسا ولا يجدون منها ألما ولا يعلمون أين هي ولا متى مروا عليها يفضي بهم قولهم هذا إلى تفسيق لأنهم لم يخالفوا فيه قطعيا لاحتمال أن يؤول قوله تعالى ((أولئك عنها مبعدون))([56]) أي عن عذابها وإن كان محتاجا إلى دليل.
(قوله سعيد أو شقي مبطل) بدل تفصيلي من قوله كل يدخل والمراد سعيد أي محق ليقابل وصف الشقي بالمبطل كما قابل السعيد بالشقي ففيه مع المطابقة اكتفاء (قوله ومن يقل دار الخلود فانية أو أهلها الخ) هذا بيان حكم أهل القول بأن الجنة والنار يفنيان بعد دخول أهل كل فيها ويفني أهلهما فيبقى الله وحده فحكم هؤلاء أنهم فاسقون لتأولهم نحو قوله تعالى ((كل شيء هالك إلا وجهه))([57]) وتأولهم الخلود في آيات الخلود بالمكث الطويل مثلا وتأولهم الأبد بالمبالغة في طول المكث مثلا (ثم ظهر لي) بعد ذلك أنهم مشركون لأن شبهتهم هذه لا ترفع عنهم حكم الشرك، لأن تأويلهم ليس بتأويل يقبل لإبطاله تلك القواطع.
(قوله ففاسق علانية) أي فهو فاسق جهرة بمعنى أن فسقه شاهد لا يشك فيه أحد.
(هذا إذا ما كان بالتأويل=
والشرك في الرد على التنزيل)
(قوله هذا إذا ما كان بالتأويل) أي هذا الحكم الذي ذكرناه ثابت على أهل هذه المذاهب إذا كان قولهم ناشئا عن تأويل للكتاب والسنة، أما إذا كان ناشئا عن رد له أو للسنة المتواترة فحكمهم الشرك، كما سيأتي إن رد الكتاب نوع من الشرك وتكذيب الرسول نوع منه أيضا (قوله والشرك في الرد) أي بسبب الرد على التنزيل ومفعول الرد محذوف أي في الرد على التنزيل حكمه.
صفحة ١٤٣