( قلنا): إن حملتموها على ظاهرها لم تفد إلا العلم بعلمهم ى الجزاء عليه فالله عز وجل يري الكافر عمله لا لينتفع به بل ليكون حسرة عليه كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار وإن حملتموها على رؤية جزاء الأعمال وجب دخول المشرك فيهم وأنتم لا تقولون به (فإن قيل) إن المشرك خرج بدليل آخر دل على إحباط عمله (قلنا) وكذلك الفاسق دل الدليل على أن عمله غير مقبول إنما يتقبل الله من المتقين فوجب حمل الرؤية في الآية على العلم بالأعمال لا علو وجود جزائها.
(ومنها) قوله تعالى ((من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها))([23]) مع قوله تعالى ((وما ربك بظلام للعبيد))([24]) ((لا أضيع عمل عامل منكم))([25]).
(وجوابه) أن الحسنة المضاعفة هي حسنة المؤمن لقوله تعالى ((من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون))([26]) ولا شك أنه لا يأمن من فزع ذلك اليوم إلا المؤمن ومن لا تقبل حسناته لفسقه فهو الظالم لنفسه، والمضيع لعمله فلم يظلمه الله ولم يضيع عمله (ومنها) قوله تعالى ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء))([27]) مع قوله تعالى ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا))([28]) (قالوا) ففي هذه الآية دليل على أن جميع الذنوب مغفورة ثم أخرج من جميعها الشرك بقوله لا يغفر أن يشرك به فبقي ما عدا الشرك من الكبائر في المشيئة لقوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
صفحة ١٣٣