فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ وَقد كَانَ فِيمَن تقدم من هُوَ بِهَذِهِ السَّبِيل من الِاقْتِصَار على أَدَاء مَا سمع وَرُوِيَ وتبليغ مَا ضبط ووعي دون التَّكَلُّم فِيمَا لم يحط بِهِ علما أَو التسور على تَبْدِيل لفظ أَو تَأْوِيل معنى وَهِي رُتْبَة أَكثر الروَاة والمشائخ وَأما الإتقان والمعرفة فَفِي الْإِعْلَام والايمة لكِنهمْ كَانُوا فِيمَا تقدم كَثْرَة وَجُمْلَة وتساهل النَّاس بعد فِي الْأَخْذ وَالْأَدَاء حَتَّى أوسعوه اختلالا وَلم يألوه خبالا فتجد الشَّيْخ المسموع بِشَأْنِهِ وثنائه الْمُتَكَلف شاق الرحلة للقائه تنتظم بِهِ المحافل ويتناوب الْأَخْذ عَنهُ مَا بَين عَالم وجاهل وحضوره كَعَدَمِهِ إِذْ لَا يحفظ حَدِيثه ويتقن أداءه وتحمله وَلَا يمسك أَصله فَيعرف خطأه وخلله بل يمسك كِتَابه سواهُ مِمَّن لَعَلَّه لَا يوثق بِمَا يَقُوله وَلَا يرَاهُ وَرُبمَا كَانَ مَعَ الشَّيْخ من يتحدث مَعَه أَو غَدا مستثقلا نوما أَو مفكرا فِي شئونه حَتَّى لَا يعقل مَا سَمعه وَلَعَلَّ الْكتاب المقرو عَلَيْهِ لم يقرأه قطّ وَلَا علم مَا فِيهِ إِلَّا فِي نوبَته تِلْكَ وَإِنَّمَا وجد سَمَاعه عَلَيْهِ فِي حَال صغره بِخَط أَبِيه أَو غَيره أَو نَاوَلَهُ بعض متساهلي الشُّيُوخ ضبائر كتب وودائع أسفار لَا يعلم سوى ألقابها أَو أَتَتْهُ إجَازَة فِيهِ من بلد سحيق بِمَا لَا يعرف وَهُوَ طِفْل أَو حَبل حبلة لم يُولد بعد وَلم ينْطق ثمَّ يستعار للشَّيْخ كتاب بعض من عرف سَمَاعه من شُيُوخه أَو يَشْتَرِيهِ من السُّوق ويكتفي بِأَن يجد عَلَيْهِ أثر دَعْوَى بمقابلته وتصحيحه ثمَّ ترى الراحل لهَذَا الشَّأْن الهاجر فِيهِ حبيب الْأَهْل ومألوف الأوطان قد سلك من التساهل طبقَة من عدم ضَبطه لكتابه وتشاغله أثْنَاء السماع بمحادثته جليسه أَو غير ذَلِك من أَسبَابه وَأَكْثَرهم يحضر بِغَيْر كتاب أَو يشْتَغل بنسخ غَيره أَو ترَاهُ منجد لَا يغط فِي نَومه قد قنعا مَعًا فِي الْأَخْذ والتبليغ بِسَمَاع هينمة لَا يفهمان معنى خطابها وَلَا يقفان على حَقِيقَة خطئها من صوابها وَلَا يكلمان إِلَّا من وَرَاء حجابها وَرُبمَا حضر الْمجْلس الصَّبِي الَّذِي لم يفهم بعد عَامَّة كَلَام أمه وَلَا اسْتَقل بالميز وَالْكَلَام لما يعنيه من أمره فيعتقدون سَمَاعه سَمَاعا لَا سِيمَا إِذا وفى أَرْبَعَة أَعْوَام من عمره ويحتجون فِي ذَلِك بِحَدِيث مَحْمُود بن الرّبيع وَقَوله عقلت من النَّبِي ﷺ مجة مجها فِي وَجْهي وَأَنا ابْن أَربع سِنِين وروى ابْن خمس وَلَيْسَ فِي عقله هَذِه المجة على عقله لكل شَيْء حجَّة ثمَّ إِذا أكمل سَماع الْكتاب على الشَّيْخ كتب سَماع هَذَا الصَّبِي فِي أَصله أَو كتبه لَهُ الشَّيْخ فِي كتاب أَبِيه أَو غَيره ليشهد لَهُ ذَلِك بِصِحَّة السماع فِي مُسْتَأْنف عمره وَأكْثر سماعات النَّاس فِي عصرنا وَكثير من الزَّمَان قبله بِهَذِهِ السَّبِيل وَلِهَذَا مَا نَا الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن عتاب بِلَفْظِهِ ﵀ وَغَيره عَن الْفَقِيه أبي عبد الله أَبِيه أَنه كَانَ يَقُول لَا غنى فِي السماع عَن الْإِجَازَة لهَذِهِ الْعِلَل والمسامحة المستجازة ونا أَحْمد بن مُحَمَّد الشَّيْخ الصَّالح عَن الْحَافِظ أبي ذَر الْهَرَوِيّ إجَازَة قَالَ نَا الْوَلِيد بن بكر الْمَالِكِي قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو سهل الْعَطَّار بالإسكندرية قَالَ كَانَ أَحْمد بن ميسر يَقُول الْإِجَازَة عِنْدِي على وَجههَا خير وَأقوى فِي النَّقْل من السماع الردى وهبك صَحَّ هَذَا كُله فِي مراعات صدق الْخَبَر أَيْن تحرى المروى وَتَعْيِين الْمخبر لَا جرم بِحَسب هَذَا الْخلَل وتظاهر هَذِه الْعِلَل مَا كثر فِي المصنفات والكتب التَّغْيِير وَالْفساد وَشَمل ذَلِك كثيرا من الْمُتُون والإسناد وشاع التحريف وذاع التَّصْحِيف وتعدي ذَلِك منشور الرِّوَايَات
1 / 3