النور الأول، الاسم البديع الفتاح، قوله الحق: «أول ما خلق الله نوري» (1)، وقوله: «أنا من الله والكل مني». وقوله مما رواه أحمد بن حنبل: «كنت وعلي نورا بين يدي الرحمن قبل أن يخلق عرشه بأربع عشرة سنة» (2).
فمحمد وعلي حجاب الحضرة الإلهية ونوابها وخزان أسرار الربوبية وبابها.
أما الحجاب فلأنهم اسم الله الأعظم والكلمة التي تجلى فيها الرب لسائر العالم لأن بالكلمة تجلى الصانع للعقول، وبها احتجب عن العيون، سبحان من تجلى لخلقه بخلقه حتى عرفوه، ودل بأفعاله على صفاته حتى وحدوه، ودل بصفاته على ذاته حتى عبدوه.
وأما الولاية، فلأنهم لسان الله في خلقه، نطقت فيهم كلمته، وظهرت عنهم مشيئته، فهم خاصة الله وخالصته.
وأما الباب، فلأنهم أبواب المدينة الإلهية التي أودعها مبدعها نقوش الخلائق، وأسرار الحقائق، فهم كعبة الجلال التي تطوف بها المخلوقات، ونقطة الكمال التي ينتهي إليها الموجودات، والبيت المحرم الذي تتوجه إليه سائر البريات لأنهم أول بيت وضع للناس فهم الباب، والحجاب، والنواب، وأم الكتاب، وفصل الخطاب، وإليهم يوم المآب، ويوم الحساب، فهم لا هوت الحجاب، ونواب الجبروت، وأبواب الملكوت، ووجه الحي الذي لا يموت.
فصل
وإن قلت: معنى قوله: الله نور السماوات والأرض (3) يعني منور السماوات والأرض، وهادي أهل السماوات والأرض،
قلت: نعم هم الهداة والدعاة إلى الله عز وجل، والنور المشرق من حضرة الأزل ولم يزل،
صفحة ٤٤