والطرفين، فقد تمسك بعروة الحقيقة.
فصل
والعالم أعراض وأجسام، والأجسام مركبة من الخط والسطح خطا ثم سطحا ثم جسما، ومدار الكل على النقطة، ومرجعه إليها، والكلام أيضا على الحروف، والحروف على الألف، والألف على النقطة، وكذلك بني آدم فإن كثرتهم منحصرة في وحدة آدم، دليله قوله تعالى:
خلقكم من نفس واحدة (1)؛ أي من صورة واحدة، ومادة واحدة، وذلك تنبيها للغافلين، وإيجازا للعارفين، وكثرة آدم راجعة في بستان الوحدة إلى النقطة، وكذلك الأعداد فإن مرجعها إلى الواحد، ومنبعها منه.
فصل [معنى الواحد والألف]
واعلم أن سر العدد في النفوس مطابق لصور الموجودات، وهو عنصر الحكمة، ومبدأ المعارف والإكسير الأول، والكيمياء الأكبر والعهد المأخوذ، وأول الابتداع، ابتدعه الرب وجعله أصلا لخلقه، وقبلة لعباده ووجهه، وأطلعه من سره المكنون، وعلمه المخزون، على ما كان وما يكون، وهو واحد العدد، خلقه من نور جلاله، وهو الإبداع المحض، والأحد الذي ليس قبله شيء من العدد، وهو أول موجود، والواحد المبدع والأحد، بإثبات الألف هو المبدع لأن الألف يتقدم الحروف ففي الأحد هي الأحدية، وفي الواحد هي الوحدانية، والأحد لا حد له ولا يوصف بإشارة أبنية فهو الأحد المطلق والواحد الحق؛ هو الذي تنبعث منه الآحاد وهو ينبوع الأزواج والأفراد، فعلم العدد أول فيض العقل على النفس، ولذلك صار مركوزا في قوة النفس، أول فيض العقل على النفس والعدد لسان ينطق بالتوحيد لأن لفظ الواحد متقدم على الاثنين فالسبق للواحد، وفي تقدم أحد الاثنين على الآخر تأخر
صفحة ٤٢