والإدراك. والحروف في لطيفة الروح شكل الضلعين من أضلاع المثلث المتساوي الأضلاع، ضلع قائم، وآخر مبسوط على هذه الصورة، والقائم ضلع الألف، والمبسوط ضلع الباء، وإنما قلنا بأن الحروف في لطيفة الروح شكل ضلعين، لأن فيض الأنوار البسيطة التي في العقل بالفعل هي في الروح بالقوة فاتفقا في وجود الأسرار، وتباينا في اختلاف الأطوار، ومن حيث إن الروح تستمد من العقل، والنفس تستمد من الروح، وجميع الأنوار العلوية تستمد من نور العرش، كذلك سائر الحروف تستمد من نور الألف، ورجوع السفلي والعلوي منها إليها، وكل حرف من الحروف قائم بسر الألف والألف سر الكلمة، وملائكة النور الحاملون للعرش من ذوات هذه الحروف، والأول منها المتعلق بالعقل اسمه الألف والموحدون لحضرة الجلال أربعة: العقل، والروح، والنفس، والقلب هو الموحد الرابع، وتوحيده بسر الحروف التي أوجدها الحق في جبلته ، لأن القلب لوح النقوش الربانية، بل هو اللوح المحفوظ بعينه. ومن هاهنا اختلفت الحروف باختلاف أوضاعها ونسبتها إلى أحوال آدم؛ فالدال يوم خلقه، وخط الجيم يوم تسويته، وخط الباء يوم نفخ الروح فيه، وخط الألف يوم السجود؛ فكان تركيب البنية الإنسانية بالحكمة الإلهية من شكل تربيعي، وتربيع طبيعي، ومن عالمي الاختراع والإبداع، فعلم أن العالم العلوي والسفلي بأجمعه داخلان تحت فلك الألف الذي هو عبارة عن الاختراع الأول، والعرش العظيم، والعقل النوراني، والجبروت الأعلى، وسر الحقيقة وحضرة القدس وسدرة المنتهى، وساير الحروف إجمالا وتفصيلا انبعثت عنه، وجميعها باختلاف أطوارها وتباين آثارها تستمد منه؛ وترجع إلى الرب سبحانه.
خلق الخلق بسر هذه الحروف، وعالم الأمر كن فيكون، وكلامه سبحانه في حضرة قدسه إنما سمع بهذه الحروف، وهي قائمة بذات الحق سبحانه، وأسماؤه المخزونة المكنونة مندرجة تحت سجل هذه الحروف، والألف منها أول المخترعات، ومنها سائر مراتب العالم، وجميع الحروف محتاجة إليه وهو غني عنها لأن سائر الأعداد لا تستغني عنه، وهو لا يحتاج إليها. ومن عرف ظاهر الألف وباطنه، وصل إلى درجة الصديقين، ومرتبة المقربين، لأن له ظاهرا وبطونا، فظاهره (3): العرش، واللوح، والقلم. وهو مركب من (3)
صفحة ٣٠