مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع)

حافظ رجب البرسي‏ ت. 813 هجري
163

مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع)

الصفوة ودار العصمة، وحسدا لمعدن الرسالة والحكمة، وزين لهم الشيطان أعمالهم فتبا لهم وسحقا، كيف اختاروا إماما جاهلا عابدا للأصنام جبانا يوم الزحام، والإمام يجب أن يكون عالما لا يجهل، وشجاعا لا ينكل، لا يعلو عليه حسب، ولا يدانيه نسب، فهو في الذروة من قريش والشرف من هاشم، والبقية من إبراهيم والنهج من النبع الكريم، والنفس من الرسول والرضى من الله، والقبول عن الله، فهو شرف الأشراف، والفرع من عبد مناف، عالم بالسياسة قائم بالرياسة، مفترض الطاعة، إلى يوم الساعة، أودع الله قلبه سره، وأنطق به لسانه، فهو معصوم موفق ليس بجبان، ولا جاهل فتركوه يا طارق، واتبعوا أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله (1).

والإمام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي، وأمر إلهي وروح قدسي، ومقام علي ونور جلي، وسر خفي، فهو ملكي الذات إلهي الصفات، زائد الحسنات عالم بالمغيبات، خصا من رب العالمين، ونصا من الصادق الأمين، وهذا كله لآل محمد (صلى الله عليه وآله) لا يشاركهم فيه مشارك، لأنهم معدن التنزيل، ومعنى التأويل وخاصة الرب الجليل، ومهبط الأمين جبرائيل، صفات الله وصفوته، وسره وكلمته، شجرة النبوة، ومعدن الفتوة، عين المقالة ومنتهى الدلالة، ومحكم الرسالة، ونور الجلالة، حبيب الله ووديعته، وموضع كلمة الله ومفتاح حكمته، مصابيح رحمة الله وينابيع نعمته، السبيل إلى الله والسلسبيل، والقسطاس المستقيم ، والمنهاج القويم، والذكر الحكيم، والوجه الكريم، والنور القويم، أهل التشريف والتقويم والتقديم، والتفضيل والتعظيم، خلفاء النبي الكريم، وأبناء الرءوف الرحيم وأمناء العلي العظيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم، السناء الأعظم والطريق الأقوم. من عرفهم وأخذ عنهم، فهو منهم، وإليه الإشارة بقوله: من تبعني فإنه مني، خلقهم الله من نور عظمته، وولاهم أمر مملكته، فهم سر الله المخزون، وأولياؤه المقربون، وأمره بين الكاف والنون.

لا بل هم الكاف والنون، إلى الله يدعون وعنه يقولون، وبأمره يعلمون، علم الأنبياء في علمهم، وسر الأوصياء في سرهم، وعز الأولياء في عزهم، كالقطرة في البحر، والذرة في القفر، والسماوات والأرض عند الإمام منهم كيده من راحته يعرف ظاهرها من باطنها، ويعلم

صفحة ١٧٩