وقال رجل للصادق (عليه السلام): أخبرني لما ذا رفع النبي عليا على كتفه؟ قال: ليعرف الناس مقامه ورفعته . فقال: زدني يا ابن رسول الله. فقال: ليعلم الناس أنه أحق بمقام رسول الله. فقال:
زدني. فقال: ليعلم الناس أنه إمام بعده والعلم المرفوع. فقال: زدني. فقال: هيهات والله لو أخبرتك بكنه ذلك لقمت عني وأنت تقول إن جعفر بن محمد كاذب في قوله أو مجنون.
وكيف يطلع على الأسرار غير الأبرار. وقال علي بن الحسين (عليهما السلام):
إني لأكتم من علمي جواهره
كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن
إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا (1)
ولا غرو فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول للملإ من قريش: قولوا لا إله إلا الله. فيقولون، ثم يقول: اشهدوا أني محمد رسول الله، فيشهدون، ثم يقول: صلوا إلى هذه البنية، فيصلون، ثم يقول: صوموا رمضان في الهواجر، فيصومون، ثم يأمرهم بإخراج الزكاة فيخرجون، ثم يقول: حجوا واعتمروا، فيحجون ويعتمرون، ثم يدعوهم إلى الجهاد وترك الحلائل والأولاد، فيجيبون. ثم يقول: إن عليا وليكم بعدي، فيعرضون، ولا يسمعون، فيناديهم بلسان التوبيخ وهم لا يسمعون: قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون (2)، ثم يتلو عليهم مناديا وهم لا يشعرون: يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون (3).
ويؤيد هذه القواعد: ما رواه الحسن بن محبوب عن جابر بن عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): يا علي أنت الذي احتج الله بك على الخلائق حين أقامهم أشباحا في ابتدائهم وقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى . فقال: ومحمد نبيكم، قالوا: بلى.
قال: وعلي إمامكم. قال: فأبى الخلائق جميعا عن ولايتك والإقرار بفضلك وعتوا عنها استكبارا إلا قليلا منهم وهم أصحاب اليمين وهم أقل القليل، وإن في السماء الرابعة ملكا يقول في تسبيحه: سبحان من دل هذا الخلق القليل من هذا العالم الكثير، على هذا الفضل
يا رب جوهر علم لو أبوح به
لقيل لي: أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي
يرون أقبح ما يأتونه حسنا
صفحة ٢٧