العالم الرباني عبد الله بن المبارك
في مدينة (مرو) سنة 118ه ولد (عبد الله بن المبارك) ونشأ بين العلماء نشأة صالحة، فحفظ القرآن الكريم، وتعلم اللغة العربية، وحفظ أحاديث كثيرة من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودرس الفقه، وأنعم الله عليه بذاكرة قوية منذ صغره، فقد كان سريع الحفظ، لا ينسى ما يحفظه أبدا، يحكي أحد أقربائه واسمه (صخر بن المبارك) عن ذلك فيقول: كنا غلمانا في الكتاب، فمررت أنا وابن المبارك ورجل يخطب، فأطال خطبته، فلما انتهى قال لي ابن المبارك: قد حفظتها، فسمعه رجل من القوم، فقال: هاتها، أسمعنا إن كنت حفظتها كما تدعي، فأعادها عليه ابن المبارك وقد حفظها ولم يخطئ في لفظ منها.
وفي الثالثة والعشرين من عمره رحل عبد الله إلى بلاد الإسلام الواسعة طلبا للعلم، فسافر إلى العراق والحجاز.. وغيرهما، والتقى بعدد كبير من علماء عصره فأخذ عنهم الحديث والفقه، فالتقى بالإمام مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة النعمان، وكان عبد الله كلما ازداد علما، ازداد خوفا من الله وزهدا في الدنيا، وكان إذا قرأ كتابا من كتب الوعظ يذكره بالآخرة وبالجنة والنار، وبالوقوف بين يدي الله للحساب، بكى بكاء شديدا، واقشعر جسمه، وارتعدت فرائصه، ولا يكاد يتكلم أحد معه.
وكان عبد الله يكسب من تجارته مالا كثيرا، وها هو ذا يعطينا درسا بليغا في السلوك الصحيح للمسلم، وذلك حين أتاه أحد أصدقائه واسمه (أبو علي) وهو يظن أن الزهد والتجارة لا يجتمعان قائلا لعبد الله: أنت تأمرنا بالزهد، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد (خراسان) إلى (البلد الحرام) كيف ذا ؟! فقال له عبد الله بن المبارك: يا أبا علي، إنما أفعل ذا لأصون وجهي، وأكرم عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، لا أرى لله حقا إلا سارعت إليه حتى أقوم به، وكان عبد الله بن المبارك لا يبخل على أحد بماله، بل كان كريما سخيا، ينفق على الفقراء والمساكين في كل سنة مائة ألف درهم.
وكان ينفق على طلاب العلم بسخاء وجود، حتى عوتب في ذلك فقال: إني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق، طلبوا الحديث، فأحسنوا طلبه لحاجة الناس إليهم، احتاجوا فإن تركناهم ضاع علمهم، وإن أعناهم بثوا العلم لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- لا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم.
وكان ابن المبارك يحب مكة، ويكثر من الخروج إليها للحج والزيارة، وكان كلما خرج من مكة قال:
بغض الحياة وخوف الله أخرجني وبيع نفسي بما ليست له ثمنا
إني وزنت الذي يبقي ليعدله ما ليس يبقي فلا والله ما اتزنا
وكان عبد الله بن المبارك يجاهد في سبيل الله بسيفه، حتى إن كثيرا ممن أتوا ليستمعوا إلى علمه، كانوا يذهبون إليه فيجدونه في الغزو، وكان يرى أن الجهاد فريضة يجب أن يؤديها المسلمون كما أداها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويروى عنه أنه أرسل إلى صاحبه الفضيل بن عياض يحثه على قتال الأعداء، ويدعوه إلى ترك البكاء عند البيت الحرام قائلا له:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم، ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب
وأحب عبد الله بن المبارك أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حبا عظيما وكان لا يجيب أحدا يسأله عن حديث منها وهو يمشي، ويقول للسائل: (ليس هذا من توقير العلم) وكان حفاظ الحديث في الكوفة إذا اختلفوا حول حديث قالوا:
مروا بنا إلى هذا الطبيب نسأله (يقصدون عبد الله بن المبارك).
ولقد اجتمع نفر من أصحابه يوما وقالوا: تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: جمع العلم، والفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والشعر، والفصاحة والزهد، والورع، والإنصاف، وقيام الليل، والعبادة، والفروسية، والشجاعة، والشدة في بدنه، وترك الكلام في ما لا يعنيه.. حتى أجهدهم العد.
ولقد قدر الناس عبد الله بن المبارك وزادت مهابته لديهم على مهابة هارون الرشيد.. روي أن هارون الرشيد قدم ذات يوم إلى (الرقة) فوجد الناس يجرون خلف عبد الله بن المبارك لينظروا إليه، ويسلموا عليه، فنظرت زوجة هارون الرشيد من شباك قصرها، فلما رأت الناس قالت: ما هذا ؟! قالوا: عالم من خراسان قدم (الرقة) يقال له (عبد الله بن المبارك) فقالت: هذا والله الملك، لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بالشرطة والأعوان.
وفي يوم من أيام شهر رمضان سنة 181ه توفي عبد الله بن المبارك وهو راجع من الغزو، وكان عمره ثلاثة وستين عاما، ويقال: إن الرشيد لما بلغه موت عبدالله، قال: مات اليوم سيد العلماء
-----------------
قال محمد بن المثنى: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما رأت عيناي مثل أربعة: ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري، ولا أشد تقشفا من شعبة، ولا أعقل من مالك، ولا أنصح للأمة من ابن المبارك.
وقد اجتمع جماعة من أصحاب ابن المبارك فقالوا: عدوا خصال ابن المبارك فقالوا: جمع العلم والفقه والأدب والنحو واللغة والزهد والشجاعة والشعر والفصاحة وقيام الليل والعبادة والحج والغزو والفروسية وترك الكلام فيما لا يعنيه والإنصاف وقلة الخلاف على أصحابه.
نشأته:
نشأ ابن المبارك في أسرة متواضعة؛ فقد كان أبوه أجيرا بسيطا يعمل حارسا لبستان أحد الأثرياء، غير أن والده هذا كان سبب رخائه أورثه المال رذاذا، ثم صار على يده وابلا ثجاجا.
إن المتأمل لهذا المال الذي وصف بأنه رذاذ ليعلم أنه سبب الخير كله، فقد اكتسبه "والده المبارك" بجد وجهد وكفاح وصبر، فكان ثمرة يانعة مقنعة لرجل ورع، حريص على أداء حق العمل، فلم يرض إلا أن يشغل كل وقته في العمل تحريا للأجر الحلال، فلم يتطلع يوما للأكل من البستان، وهو ما يكتشفه صاحب البستان ويتعجب له.
ففي إحدى زياراته طلب منه رمانة يأكلها، فجاءه بواحدة، فوجدها حامضة لم تنضج، فرماها، وطلب منه أخرى، فكانت كذلك، فغضب وصاح: أما تعرف الناضج من غيره؟ تظل هذا العمر معي ولا تستطيع أن تقدم أحسن ما لديك؟!
فقال مبارك - صادقا -: وكيف أعرف وأنا لم أذق شيئا منه!!
فتعجب صاحب البستان، وقال: ألا تتمتع ببعض ما هو تحت يديك؟!
قال مبارك: لم تأذن لي في ذلك.. فكيف أستحل ما ليس لي؟!
سكت الرجل مندهشا وقال له: فقد أذنت، من الآن فكل!
من هنا نعرف لأي أب ينتمي عبد الله، إنه ينتمي لأب صالح ولصلاح الأب جائزة عظمى يجدها عند لقاء ربه، ويبقى أثرها في الأبناء!! وهو ما نجده في القصص القرآني الحكيم من قصة الغلامين اليتيمين قال تعالى: {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا}[الكهف:82].
فكان صلاح الأب سببا في استخراج الكنز، وكذلك كان الحال مع عبد الله بن المبارك، فسنة الله لا تتخلف، كان الأب صالحا فاستخرج عبد الله كنزا تمثل في مال صار على يديه وابلا ثجاجا، وحصل علما وأدبا وفقها مازالت تتوارثه الأجيال!
رحلاته في طلب العلم:
ارتحل ابن المبارك إلى الحرمين والشام ومصر والعراق والجزيرة وخراسان.
لقد أثمرت رحلات ابن المبارك لأنه قد ارتسم لنفسه منهاجا يسير عليه، فلم يكن همه من ارتحاله جمع العلم مهما كان مصدره، بل كان التحقق من مصدره أساس منهجه؛ فقد سأله أبو إسحاق قائلا: "يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء إن من البر بعد البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك. فقال عبد الله: يا أبا إسحاق عن من هذا؟ قال: قلت: هذا من حديث شهاب بن خراش. قال: ثقة عن من قال؟ قلت: عن الحجاج بن دينار. قال: ثقة قال: عن من؟ قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يا أبا إسحاق إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ولكن ليس في الصدقة اختلاف".
فهو حين يتوقف أمام هذا الحديث، لا ينكر ما فيه من البر، إلا أنه لا ينسب الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم مادام لم يتوفر لديه السند إلى رسول الله وإن كان الحجاج ثقة!!
منزلته عند الإمام مالك:
لأجل هذه الدقة التي توفرت لدى ابن المبارك والتزم بها، كان اهتمام الإمام مالك به.. فقد روي عن يحيى بن يحيى الليثي قال: كنا عند مالك، فاستؤذن لعبد الله بن المبارك بالدخول، فأذن له، فرأينا مالكا تزحزح له في مجلسه ثم أقعده بلصقه، وما رأيت مالكا تزحزح لأحد في مجلسه غيره، فكان القارئ يقرأ على مالك، فربما مر بشيء فيسأله مالك: ما مذهبكم في هذا؟ أو ما عندكم في هذا؟ فرأيت ابن المبارك يجاوبه، ثم قام فخرج، فأعجب مالك بأدبه، ثم قال لنا مالك: هذا ابن المبارك فقيه خراسان.
ولنا أن نستعيد ما قاله والي المدينة حين جاءه الإمام الشافعي يحمل كتابا من والي مكة ليتمكن الشافعي من لقاء الإمام مالك؛ حيث قال والي المدينة للشافعي: "يا فتى! لو كلفتني المشي من جوف المدينة راجلا حافيا كان أهون علي من المشي إلى باب مالك.. وليتنا إذا ركبنا ووقفنا على بابه يفتح لنا الباب". لنعلم من هذا منزلة عبد الله بن المبارك عند الإمام مالك!!
أما منزلته عند ابن عيينة فهي شيء فوق ذلك كله؛ حيث قال: "نظرت في أمر الصحابة فما رأيت لهم فضلا على ابن المبارك إلا بصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم وغزوهم معه".
طيب خلق وسعة علم:
كان ابن المبارك رجلا يحفظ حق أساتذته ويجل شيوخه، فلم يكن يحدث في وجود أحد منهم، ولكن محبيه طلبوا ذلك في وجود حماد بن زيد وهو من هو في ذلك العصر، فما عسى ابن المبارك أن يفعل؟!
يقول إسماعيل الخطبي: بلغني عن ابن المبارك أنه حضر عند حماد بن زيد، فقال أصحاب الحديث لحماد: سل أبا عبد الرحمن أن يحدثنا. فقال: يا أبا عبد الرحمن، تحدثهم؛ فإنهم قد سألوني؟ قال: سبحان الله يا أبا إسماعيل، أحدث وأنت حاضر؟! فقال: أقسمت عليك لتفعلن. فقال: خذوا. حدثنا أبو إسماعيل حماد بن زيد، فما حدث بحرف إلا عن حماد.
لقد وجد ابن المبارك نفسه أمام قسم حماد، ولكن ما فعله يشهد له بسعة العلم ودماثة الخلق!!
وقد سمع ابن المبارك يقول إعظاما لقدر حماد بن زيد:
أيها الطالب علما .. ... .. إئت حماد بن زيد
فاستفد حلما وعلما. ... .. ثم قيده بقيد
وإن كان شعره هذا يشهد بالعلم لحماد بن زيد، فقد أحسن عندما قال عن أبي حنيفة:
رأيت أبا حنيفة كل يوم .. ... .. يزيد نبالة ويزيد خيرا
وينطق بالصواب ويصطفيه .. ... .. إذا ما قال أهل الجور جورا
لقد كان ابن المبارك خير من يعترف لأساتذته بالفضل وحسبه أن قال: "لولا أن الله عز وجل أغاثني بأبي حنيفة وسفيان كنت كسائر الناس".
شجاعته:
وكان من الشجاعة بالمكان الجهير، وله في ساحة الجهاد نوادر ذائعة، فقد كان في سرية ببلاد الروم خرجت للاستطلاع لا للقتال ، ففاجأتها قوة ضخمة من الأعداء، واصطف الفريقان ونهض فارس رومي يدعو للمبارزة وفقا لما كان معهودا إذ ذاك، فتقدم إليه بطل مسلم، فلم يستطع نزاله، وخر شهيدا، وتقدم ثان فكانت النتيجة هي النتيجة، وتخوف المسلمون وذعروا من رهبة هذا الصائل الفاتك. وغلا الدم في رأس ابن المبارك، فخف إليه، واشتد الصراع بين الفارسين، وكل منهما يبدي من أساليب الصيال ما في طوقه كرا وفرا، في واقعة شديدة، لم ير الناس أرهب منها! ثم حصلت المفاجأة حين طعن ابن المبارك غريمه طعنة أصابت منه مقتلا فسقط على الأرض، وكبر المسلمون، ورجع ابن المبارك وقد غطى وجهه حتى لا يشتهر بين الناس.
لقد كان الإمام العالم يعرف فضل الجهاد، وهو الذي أرسل إلى أخيه الفضيل بن عياض برسالة يقول فيها:
ياعابد الحرمين لو أبصرتنا.. ... .. لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه .. ... .. فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل .. ... .. فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا .. ... .. رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا .. ... .. قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي وغبار خيل الله في .. ... .. أنف امرئ ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بيننا .. ... .. ليس الشهيد بميت لا يكذب
وفي الأبيات تضمين لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم".
سخاؤه:
أما عن سخائه فحدث ولا حرج، فمواقف سخائه كثيرة مبثوثة في كتب التراث نذكر منها ما رواه محمد بن علي بن الحسن بن شقيق عن أبيه قال: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج، اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك. فيقول: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا. فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته، عليها اسمه.
ومنها أنه جاء رجل إلى ابن المبارك فسأله أن يقضي دينا عليه، فكتب له إلى وكيل له، فلما ورد عليه الكتاب، قال له الوكيل: كم الدين الذي سألته قضاءه؟ قال: سبعمائة درهم. وإذا عبد الله قد كتب له أن يعطيه سبعة آلاف درهم، فراجعه الوكيل، وقال: إن الغلات قد فنيت، فكتب إليه عبد الله: إن كانت الغلات قد فنيت، فإن العمر أيضا قد فنى، فأجز له ما سبق به قلمي.
ولكثرة إنفاقه عوتب ابن المبارك فيما يفرق من المال في البلدان دون بلده، قال: إني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق طلبوا الحديث، فأحسنوا طلبه لحاجة الناس إليهم احتاجوا، فإن تركناهم ضاع علمهم، وإن أعناهم بثوا العلم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، لا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم.
وفاته:
قال الفسوي في "تاريخه": سمعت الحسن ابن الربيع يقول: شهدت موت ابن المبارك، مات لعشر مضت من رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات سحرا، ودفناه بهيت، ولبعض الفضلاء:
مررت بقبر ابن المبارك زائرا .... فأوسعني وعظا وليس بناطق
وقد كنت بالعلم الذي في جوانحي .. غنيا وبالشيب الذي في مفارقي
ولكن أرى الذكرى تنبه عاقلا .... إذا هي جاءت من رجال الحقائق
وعن عبد الرحمن بن عبيد الله يقول: كنا عند الفضيل بن عياض فجاء فتى في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ومئة، فنعى إليه ابن المبارك، فقال فضيل: "إنا لله وإنا إليه راجعون، أما إنه ما خلف بعده مثله".
صفحة ٤٢