المشعر الثامن في كيفية الجعل والإفاضة وإثبات البارئ الأول وأن الجاعل الفياض واحد لا تعدد فيه ولا شريك له وفيه مشاعر المشعر الأول في نسبة المجعول المبدع إلى الجاعل (102) إن نسبة المجعول المبدع إلى الجاعل نسبة النقص إلى التمام والضعف إلى القوة: لما علمت أن الواقع في العين والموجود بالحقيقة ليست إلا الوجودات دون الماهيات وثبت أن الوجود حقيقة بسيطة لا جنس لها ولا فصل مقوم لها ولا نوع لها ولا فصل مقسم لها ولا تشخص لها بل تشخصها بنفس ذاتها البسيطة وأن التفاوت بالذات بين آحادها وهوياتها ليس إلا بالأشد والأضعف والاختلاف بالأمور العارضة إنما يتحقق في الجسمانيات ولا شك أن الجاعل أكمل وجودا وأتم تحصلا من مجعوله فالمجعول كأنه رشح وفيض من جاعله وأن التأثير في الحقيقة ليس إلا بتطور الجاعل في أطواره ومنازل أفعاله.
صفحة ٩٠