ونحن البشر نتألف من رجال ونساء، وهذه طبيعتنا التي لا نستطيع أن ننكرها، فلا بد من أن نعيش حياتنا في مجتمع سوي مختلطين يعرف كل منا الآخر منذ ميلاده إلى يوم وفاته، نتعلم معا في المدرسة ثم في الجامعة، ونعمل معا في المصنع أو المتجر، ونتدرب طيلة أعمارنا على المعاشرة الزوجية الحسنة.
والشخصية السوية، والشخصية الكاملة، تحتاج في كل من الجنسين إلى التدريب الاجتماعي، والمرأة نصف المجتمع، فلن نحصل على هذا التدريب كاملا إلا إذا اختلطنا بالمرأة وزاملناها منذ صبانا إلى شيخوختنا.
لهذا السبب يجب أن يكون تعليمنا في جميع مراحله مختلطا، ويجب على الآباء أن يلحوا في المطالبة بهذا الاختلاط لتربية أبنائهم وبناتهم.
الفصل التاسع والأربعون
مساواة المرأة بالرجل
كلمة «المساواة» من الكلمات أو الأماني المحببة إلى المرأة؛ فإنها تعد نفسها مظلومة كلما وجدت أن المجتمع يؤثر عليها الرجال في الحقوق والواجبات.
والفكرة في المساواة قديمة، بل إن كلمة العدل التي تعد أساس القوانين البشرية، بل كذلك القواعد الدينية، تعود أيضا إلى معنى المساواة. كما نرى في كلمة العدالة التي لا تختلف في معناها عن كلمة المساواة.
ولكن العدالة والمساواة بقيتا من المعاني التي تشبه الأماني في العصور القديمة، عصور الأمراء والنبلاء من ناحية والفلاحين والعبيد من ناحية أخرى؛ إذ كان من المحال أن يتألف مجتمع من هذه الطبقات ثم يمكن التفكير في المساواة بين أفراده، ثم بين رجاله ونسائه.
ولكن كلمة «المساواة» مع ذلك دخلت في دستور الثورة الفرنسية وأصبحت إحدى المواد في القوانين البشرية، وأصبحت هذه الكلمة محترمة بحروفها، ولكن دارسي القوانين كانوا يعرفون على الدوام أنها «أكذوبة» فقهية قد فرضت على الواقع كأنها إحدى كلمات المستقبل التي يتخيلها دعاة الخير والسلام للمجتمع ويتمنون تحقيقها في يوم بعيد.
واقتربت الشعوب رويدا رويدا من معنى المساواة حين ألغت نظام الإقطاع؛ فأصبح الفلاحون أحرارا بعد أن كانوا مقيدين بالرق الزراعي، ثم زاد الاقتراب من معناها حين ألغت الولايات المتحدة رق العبيد من الزنوج في عام 1860، وتحققت المساواة بين أفراد المجتمع من الرجال، ولكن هذه المساواة لم تمنع التفاوت الاقتصادي بين الأفراد، هذا التفاوت الذي كان ينفي هذه المساواة بإيجاد الأثرياء والفقراء، وقدرة الأولين على استغلال الثانين، والاتجاه الاشتراكي الذي يعم شعوب العالم هذه الأيام يحاول التخفيف من وطأة هذا الاستغلال، وبالتالي يحاول إيجاد شيء من المساواة الاقتصادية.
صفحة غير معروفة