ولست أشك في أننا جميعا نحب الحياة ونكره الاستهتار، ولكن إذا كنا نكره المستهترين الذين يعبثون بالحب فإننا يجب أن نستحي أيضا من المحبين المخلصين حين يقبل أحدهما الآخر، بل يجب أن يحملنا هذا المنظر على أن نشيح عنهما بوجوهنا حتى لا نحرجهما، وعلينا أن نعرف أن المتمدنين يحبون الحب ويحترمون قبلات المحبين وهم حين يفعلون هذا لا يوصفون بالنعومة أو الرخاوة.
الحق أن في حادث هذا الإنجليزي الذي اتهم بأنه يتطلع ويتعرف حركات اثنين يتحابان ويتعانقان لعبرة لنا يجب أن تحملنا على أن نتساءل: لماذا نختلف؟ ومن منا هو الكاسب ومن هو الخاسر بهذا الاختلاف؟
الفصل الثاني والأربعون
شبابنا
أجد في شبابنا المتعلم الذي لم يصل بعد إلى درجة الثقافة ظاهرتين في اختيار الكتب:
الأولى:
أنه يقرأ كثيرا من القصص ويقبل على أية مجلة ما دامت تنشر قصصا غرامية.
والثانية:
أنه يقبل على قراءة المؤلفات السيكلوجية في إسراف.
وبين الظاهرتين ارتباط؛ ذلك أن شبابنا الذين حرموا الأنسة والزمالة مع الفتيات لأنهم يعيشون في مجتمع يقول بالفصل بين الجنسين، هؤلاء الشبان يقرءون القصص كما لو كانت تعويضا عما حرموه، وكثيرا ما يكون هذا التعويض سخيفا قد أغرب في الخيال بالكلمة والصورة، ولكن شبابنا أيضا يصلون بسبب الحرمان إلى خيالات سخيفة لا تتصل بالواقع ولا تشبهه؛ ولذلك هم يرضون بهذه القصص ويلتهمونها ولا يجدون فيها إسرافا.
صفحة غير معروفة