فإنّكَ مِنْ وَادٍ إليّ مُرَحَّبٍ، ... وَإن كنتَ لا تُزْدارُ إلاّ على عَفْرِ.
قال: فأذنت، وكان ندي الصوت، فلما رآني أومأ إلى فأتيته، فقال: أأعجبك ما سمعت؟ فقلت: إي والله! فقال: أمن أهل الحضارة أنت؟ قلت: نعم! قال: فمن تكوت؟ قلت: لا حاجة لك في السؤوال عن ذلك. قال: أو ما حل الإسلام الضغائن، وأطفأ الأحقاد؟ قلت: بلى! قال: فما يمنعك إذا قلت: أنا امرؤ من قيس؟ قلت: الحبيب القريب. قال: فمن أيهم؟ قلت: أحد بني سعد بن قيس، ثم أحد أعصر بن سعد. قال: زادك الله قربًا.
ثم وثب فأنزلني عن حماري، وألقى عنه إكافه، وقيده بقراب خيمته، وقام إلى زند فاقتدح وأوقد نارًا، وجاء بصيدانو، فألقى فيها تمرًا، وأفرغ عليه سمنًا، ثم لته حتى التبك، ثم ذر عليه دقيقًا، وقربه إلي، فقلت: إني إلى غير هذا أحوج. قال: وما هو؟ قلت: تنشدني. قال: أصبت فإني فاعل، فلقمت لقيمات وقلت: الوعد! قال: نعمى عين وأنشدني:
لَقَدْ طَرَقَتْ أُمُّ الخُشَيفِ، وَإنّها ... إذا صَرَعَ القَوْمَ الكَرَى لَطَرُوقُ.
فَيَا كَبِدًا يُحمَى عليها، وَإنّها، ... مخافَةَ هَيضَاتِ النَّوَى، لخفُوقُ.
أقَامَ فَرِيقٌ مِنْ أُنَاسٍ يَوَدّهُمْ، ... بذاتِ الغَضَا، قَلبي، وَبَانَ فَرِيقُ.
بحَاجَةِ مَحْزُونٍ يَظَلّ وَقَلْبُهُ ... رَهِينٌ بِبَيضَاتِ الحِجَالِ صَدِيقُ.
1 / 326