من الأجر.
فقال: أما إذ بدا لك ما سألت، فإني أقول لم أكن قلته لك، ولا أطلعتك عليه: ما أتيت أمرًا من أمور الخير إلا قلت: اللهم ما قسمت لي فيه من أجر فاجعله لمولاي دوني.
قال: بم استحققت ذلك منك يا بني؟
قال: لأنك ملكتني صغيرًا، فاحسنت ملكي، وصحبتي كبيرًا، فوقفت في صحبتي، وخفت مقام الله في، ونزهت نفسك عن السوء، وصنتني عن أفعال قد كانت عن غيرك مأثورةً عنهم، ومحفوظةً مشهورة، قد تحدث بها النساك عنهم وسمعوها منهم، وشهدت الحفظة وكتبتها الملائكة من هجومهم على السيئات وركوبهم الفاحشات، وجموحهم في الباطل وتركهم سبيل الحق، وإيثارهم لشهواتهم في جميع حالاتهم، وقد صحبتك على مر الأيام وكر السنين فلم أرك تؤثر شيئًا من هواك على أمر آخرتم، ولم أر أحدًا الله أهيب في قلبه منك، فنفعك الله بذلك، وجعله سببًا للنظر إلى وجهه، والبلاغ إلى رحمته، والخلوة في داره، والمقام في جواره.
قال أبو محمد بن زرعة: فدنوت منه، وقلت: بابي أنت وأمي! اجعلني في شفاعتك.
قال: أنت الرفيق والصاحب، أنت أول من أشفع له بعد مولاي، ولهؤلاء الذين معك.
فقال له مولاه: يا بين! هل تجد للموت ألمًا، وترى من مقدماته علمًا؟ فإن كنت ترى شيئًا، فحدثني بكل ما تراه قبل أن تغلب على الحديث، فلا يمكنك أن تخبرني بشيء مما تجد أو ترى.
قال: أما ما أجده قلبي كأنه سعفة في يوم ريح عاصفٍ من خفقانه، أو ريشة في جناح طائر إذا أمعن في طيرانه، وأجد نفسي ساعةً بعد ساعة تذبل كالسراج إذا أراد أن يطفأ، وأجد عيني كأن
1 / 261