والمقصود من هذا كله: أن نبين أنهم لم يعجزوا خصومهم عن معتقدهم في تعلق الإرادة القديمة بالأحداث إلا بدعوى الضرورة وأنهم لا ينفصلون عمن يدعي الضرورة عليهم في هذه الأمور على خلاف معتقدهم، / (¬1) وهذا ما لا مخرج عنه. (¬2)
[تعليق شيخ الإسلام على كلام الغزالي]
قلت: قابل دعواهم الضرورة في امتناع يخلف الموجب عن الموجب بدعوى منازعيهم الضرورة بامتناع ما يقولونه من إثبات ذات عالمة بالكليات من غير أن يوجب ذلك كثرة ومن غير أن يكون العلم زيادة على الذات ولا متعددا بتعدد المعلوم، ودعوى منازعيهم الضرورة بامتناع كون العاقل والمعقول والعقل شيئا واحدا، ودعوى منازعيهم الضرورة بامتناع صانع لا يعلم صنعه، ودعوى منازعيهم الضرورة بامتناع أعداد لا نهاية لكل منها مع أن بعضها جزأ من بعض، ودعوى منازعيهم الضرورة بامتناع أعداد لها نصف وثلث وربع لا تكون شفعا ولا وترا ولا نهاية لها.
ومعلوم أن دعوى منازعيهم العلم الضروري بامتناع ما قالوه في هذه المسائل: هو قول المناظرين لهم من المسلمين وسائر أهل الملل وغير أهل الملل ممن يوافقهم على هذا.
وهذه المقابلة معناها: أنكم كما ادعيتم العلم الضروري بفساد ما قاله مناظركم في مسألة الإرادة؛ فمناظروكم يدعون العلم الضروري بفساد ما قلتموه في غير هذه المسألة؛ فما كان جوابكم هنا كان جوابه هنا.
صفحة ٧٧