ولهذا كان حال أئمتهم إلى الحيرة، والقول بتكافئ الأدلة، كما تجده من أحوال كثير من أئمتهم / (¬2) ومن أواخرهم: أبو عبد الله الرازي؛ كما ذكر في أعظم كتبه وهو «المطالب العالية» وفي غيره، فإنه يظهر لمن يفهم كلامهم من الحيرة والاضطراب والتناقض في الأقوال ما ينافي العلم والعقل الذي يزعمون أنهم يحققونه.
ولهذا قال أبو عبد الله الرازي في غير موضع من كتبه (¬1):
نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا.
ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن؛ اقرأ في الإثبات: {الرحمن على العرش استوى} (¬2)، {إليه يصعد الكلم الطيب} (¬3)، واقرأ في النفي: {ليس كمثله شيء} (¬4)، {ولا يحيطون به علما} (¬5).
ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي. هذا لفظه.
صفحة ٥٣