الأدوار التي مرت بالمسألة السودانية
1 - تدخل إنجلترا في المسألة السودانية افتياتا منها وبلا دعوة من الحكومة المصرية
2 - ثورة المهدي
3 - تصريح إرل جرانفيل
4 - استعادة السودان
5 - اتفاقية 19 يناير سنة 1899
الخاتمة
الأدوار التي مرت بالمسألة السودانية
1 - تدخل إنجلترا في المسألة السودانية افتياتا منها وبلا دعوة من الحكومة المصرية
2 - ثورة المهدي
صفحة غير معروفة
3 - تصريح إرل جرانفيل
4 - استعادة السودان
5 - اتفاقية 19 يناير سنة 1899
الخاتمة
المسألة السودانية
المسألة السودانية
تأليف
عمر طوسون
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد، فقد بسطنا المسألة السودانية بين مصر وإنجلترا أكثر من مرة فيما كتبناه ونشرناه باللغتين العربية والإنجليزية، في الصحف المصرية والبريطانية، أو في مذكرات خاصة وزعناها على رجال الحكومة الإنجليزية وأعضاء البرلمان البريطاني. وكان كل هذا منا لغاية واحدة هي حل مسألة السودان بين مصر وإنجلترا، حلا عادلا منطبقا على مبادئ الإنصاف والحق.
صفحة غير معروفة
ولما كان هذا الوقت من أنسب الأوقات لإظهار مسألة السودان في صورتها الحقيقية بذكر الأدوار التي مرت بها، حيث تجري المفاوضات الآن أو المحادثات الرسمية بين الوفدين المصري والبريطاني في القاهرة، تمهيدا للمفاوضة النهائية بين مصر وإنجلترا في المسائل المحتفظ بها، ومن أهمها المسألة السودانية؛ رأينا أن نعيد الكرة ونرسل إلى أعضاء البرلمان الإنجليزي مذكرة أخرى في هذا الموضوع؛ ليكونوا على علم بالأدوار التي مرت بالمسألة السودانية منذ الاحتلال الإنجليزي إلى الآن.
وقد طبعنا هذه المذكرة الأخيرة باللغة الإنجليزية، ووزعناها على أعضاء البرلمان الإنجليزي وعلى الصحف البريطانية؛ إيقافا للرأي العام هناك على حقيقة هذه المسألة، وتنويرا لجمهور الشعب الإنجليزي الذي يقدس مبادئ الحرية للشعوب المظلومة حسب المشهور عنه.
وبعد أن فرغنا من هذا لم نر بدا من ترجمة هذه المذكرة إلى اللغة العربية؛ ليقف عليها الرأي العام المصري أيضا، وليطلع عليها أعضاء الوفد المصري الرسمي وهم يتحادثون في المسائل المصرية والمسألة السودانية.
والله المسئول أن يجعل هذه المحادثات مفضية إلى الغاية المنشودة؛ حتى يستقر الأمر بين مصر وإنجلترا، ويحل بينهما الوئام والسلام.
عمر طوسون
مايو سنة 1936
الأدوار التي مرت بالمسألة السودانية
الدور الأول
تدخل إنجلترا في المسألة السودانية افتياتا منها وبلا دعوة من الحكومة
المصرية
صفحة غير معروفة
لقد كانت إنجلترا تزعم قبل كارثة هكس باشا
Hicks Pasha
أنها لا تريد أن تتدخل في شئون السودان، وأنها لا تهتم بأمر هذا الإقليم أقل اهتمام. ولكن الأعمال التي جرت منها كانت مناقضة لأقوالها كما تثبت ذلك الوثائق الرسمية المنشورة بعد.
وأول تعرض منها لمسألته جاء في شكل مذكرة قدمها الكولونيل سير تشارلس ولسن
Colonel Sir Charles Wilson
إلى سير إدوارد مالت
Sir
Edward Malet
قنصل بريطانيا العام في مصر في يوم 29 سبتمبر سنة 1882م؛ أي بعد الاحتلال البريطاني لمصر بخمسة عشر يوما فقط. وهذه المذكرة التي كتبها الكولونيل المذكور عن الحالة في السودان قدمها بدافع من نفسه وبدون أي رغبة سابقة من الحكومة المصرية. ولم يتوان سير إدوارد مالت في إرسالها إلى إرل جرانفيل
Earl Granville
صفحة غير معروفة
وزير خارجية بريطانيا في 2 أكتوبر من السنة المذكورة.
وإليك ملخص الخطاب الذي أرسله سير إدوارد مالت إلى وزير خارجية بريطانيا مع هذه المذكرة نقلا عن الكتاب الأزرق الإنجليزي عن مصر، الصادر عام 1883، المكاتبات الإضافية، ج1، ص21:
رقم 37: من سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل
ورد في 16 أكتوبر
القاهرة في 2 أكتوبر سنة 1882
أتشرف أن أرسل مع هذا مذكرة كتبها الكولونيل سير تشارلس ولسن عن الحالة الحاضرة في السودان، يشير فيها بأن نبعث ضابطين إنجليزيين إلى هذا الإقليم ليكتبا تقريرا عن حالته، وما يجب اتخاذه من الوسائل لإخماد فتنته واستتباب الأمن في ربوعه.
وأرى أننا لا نستطيع أن نكون رأيا صحيحا عن حال هذا الإقليم بدون أن نحصل على معلومات عنه من نفس رجالنا؛ ولذلك أرفع إلى مقامكم اقتراح سير تشارلس ولسن هذا للنظر فيه رجاء الموافقة عليه. وإني لمنتظر ورود تعليماتكم لي في هذا الصدد.
ملحق لرقم 37، مذكرة الكولونيل سير تشارلس ولسن
إن السودان في حال أسوأ ما يكون من الفوضى. وقبل انقطاع المواصلات مع القاهرة، كان معلوما أن المهدي يتقدم تقدما محسوسا، وأن أناسا عديدين انضموا إلى صفوفه، وأنه انتصر أكثر من مرة على الجيوش المصرية.
ونذكر فيما يلي ملخص برقية وردت من الخرطوم في هذا الصدد بتاريخ 17 سبتمبر: «شبت الثورة في السودان على إثر برقيات أرسلها عرابي باشا إلى الأهالي، يأمرهم فيها بنبذ سلطة الخديو. وقد انضم إلى زعيم المهدية خلق عديدون، وأغار المهدي على بلدة دون «الدويم» الواقعة على النيل الأبيض ولكنه انهزم. وتطلب حكومة السودان إرسال 10000 بندقية من طراز رمنجنن لتسليح قوة يتولى قيادتها سعيد باشا
صفحة غير معروفة
1
ليسحق بها قوة المهدي. وقتلت الجيوش المصرية 1000 ثائر في بلدة «زيارة»، و300 في «شفتان». والمهدي الآن على مسيرة ساعتين من كردفان «الأبيض»، وهو على رأس قوة كبيرة.»
ويجب اعتبار هذا البيان مطمئنا إلى حد ما عن الحالة الحاضرة في السودان.
وأرى أنه من الضروري إرسال ضابطين من الضباط الإنجليز إلى السودان، وتكليفهما بكتابة تقرير عن حالته الراهنة وما يلزم من الوسائل لتوطيد دعائم الأمن في ربوعه.
ولدى المهدي طريقان للوصول إلى مصر السفلى (وجه بحري): الأول طريق صحراء النوبة ووادي النيل، والثاني طريق قوافل الرقيق الشارع من دارفور. وكلاهما يصعب اجتيازه بجيش عرمرم، وفي استطاعة قوة صغيرة منظمة أن تسده. ومع ذلك لو حاول المهدي في الحالة الراهنة أن يقوم بحركة تقدم، فلا توجد قوة مصرية تصده.
الإمضاء
ت. و. ولسن
29 سبتمبر سنة 1882
وقد وافق إرل جرانفيل على إرسال الضابطين البريطانيين إلى السودان لكتابة تقرير عن حالته، وأرسل بذلك الرد الآتي إلى سير إدوارد مالت، وقد نشر في الكتاب الأزرق الآنف الذكر، ص35، وها هو:
رقم 61: من إرل جرانفيل إلى سير إ. مالت
صفحة غير معروفة
وزارة الخارجية في 28 أكتوبر سنة 1882
سيدي
أجيب على رسالتكم المؤرخة في الثاني من الشهر الجاري، فأقول إنه لا بأس أن ترسلوا الكابتن «لفتنانت كولونيل» استوارت إلى السودان؛ لكتابة تقرير عن حالة هذا الإقليم.
وعليكم أن تشاوروا سير أ. أليسون
Sir A. Alison
فيما إذا كان من الصواب استصحاب الكابتن استوارت لضابط آخر.
وإني لكم ... إلخ ...
الإمضاء
جرانفيل
وبعد تسوية هذه المسألة فيما بينهم سافر اللفتنانت كولونيل استوارت
صفحة غير معروفة
Captain (Lieutenant-Colonel) Stewart
من القاهرة في نوفمبر سنة 1882، ووصل إلى الخرطوم في 16 ديسمبر من السنة عينها. وفي خلال إقامته بهذه المدينة كتب تقريرا وافيا شافيا عن الأحوال في السودان، بين فيه المسائل المتعلقة بتاريخ هذه الولاية في الأيام السالفة، وبعث به من الخرطوم في 9 فبراير سنة 1883 إلى سير إدوارد مالت بالقاهرة، فأرسله بدوره إلى إرل جرانفيل في 6 مارس سنة 1883.
ولما تسلم إرل جرانفيل هذا التقرير، أرسل إلى مستر كرتريت
Mr. Cartwright
القائم بأعمال سير إدوارد مالت في ذلك الحين الرسالة الآتية، وهي منشورة في الكتاب الأزرق الصادر عام 1883، ج11، وها هي:
رقم 2: من إرل جرانفيل إلى مستر كرتريت
وزارة الخارجية في 20 أبريل سنة 1883
سيدي
أرى من الواجب علي أن أكلفكم بتبليغ شكري إلى الكولونيل استوارت على تقريره عن السودان، ذلك التقرير الحافل النفيس الذي ورد ضمن رسالة سير إ. مالت في السادس من الشهر الماضي.
وقد رجوت إرل دوفرن
صفحة غير معروفة
Earl Dufferin
أن يطلع الحكومة المصرية على ما اقترحه الكولونيل استوارت من الإصلاحات في إدارة المديريات بالسودان.
وإني لكم ... إلخ ...
الإمضاء
جرانفيل
فأجاب سير إدوارد مالت على خطاب إرل جرانفيل السابق بالرسالة الآتية، وقد نشرت في الكتاب الأزرق الصادر عام 1883، ج22، وها هي:
رقم 15: من سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل
ورد في 30 مايو
القاهرة في21 مايو سنة 1883
سيدي
صفحة غير معروفة
أتشرق بالإجابة عن رسالتكم المؤرخة في العشرين من الشهر الماضي، بأنني أبلغت شريف باشا حسب تعليماتكم مقترحات اللفتنانت كولونيل استوارت، التي وردت ضمن تقريره عن السودان، ذلك التقرير الذي بعثت به إليكم في 16 مارس، والذي أشار فيه هذا الكولونيل إلى سوء استعمال السلطة في هذا الإقليم، وأوعز بالإصلاحات التي يرى ضرورة إدخالها فيه. وقد أعربت لكم في الوقت ذاته عما يخالجني من الآمال في أن أرى الحكومة المصرية تنظر في هذه الإصلاحات المطلوبة بعين الاهتمام.
وإني أرسل لكم مع هذا صورة من مذكرتي التي بعثت بها إلى شريف باشا مع رد عطوفته بتسلمه ملخص التقرير المذكور، وإبداء شكر الحكومة المصرية على المقترحات المودعة فيه.
ولي الشرف أن أكون ... إلخ ...
الإمضاء
إدوارد ب. مالت
وإليك الكتاب الذي أرسله سير إدوارد مالت إلى صاحب العطوفة شريف باشا؛ بناء على التعليمات التي تلقاها من إرل جرانفيل وزير خارجية بريطانيا، وقد نشر في الكتاب الأزرق الصادر عام 1883، ج22:
ملحق لرقم 15: من سير إ. مالت إلى شريف باشا
القاهرة في 16 مايو سنة 1883
حضرة صاحب العطوفة رئيس النظار
تعلمون عطوفتكم أن اللفتنانت كولونيل استوارت قضى منذ عهد قريب بضعة أشهر في السودان بقصد كتابة تقرير عن حالة هذا القطر لرفعه إلى حكومة جلالة الملكة، وقد أرسلت تقريره إلى لورد جرانفيل الذي كلفت الآن من قبله أن أعرض على حكومة سمو الخديو الإصلاحات الإدارية التي أفضى بحث الكولونيل استوارت لحالة السودان إلى عد تنفيذها من الحكمة والسداد.
صفحة غير معروفة
ولذا أتشرف أن أرسل إلى عطوفتكم مع هذا صورة ما ورد في التقرير السابق متضمنا المقترحات المقدمة من الكولونيل استوارت.
وإني أعرب لعطوفتكم في الوقت نفسه عما يملؤني من الأمل في نظر الحكومة المصرية لهذه المقترحات بعين الاهتمام والعناية.
ولي الشرف أن أكون ... إلخ ...
الإمضاء
إدوارد ب. مالت
وهذا معرب الترجمة الإنجليزية لرد صاحب العطوفة شريف باشا على خطاب سير إدوارد مالت السالف الذكر، وقد نشرت في الكتاب الأزرق الصادر عام 1883، ج22:
ملحق لرقم 15: من شريف باشا إلى سير إ. مالت
القاهرة في 20 مايو سنة 1883
سيدي الوزير المفوض
لقد شرفتموني بخطابكم المؤرخ في السادس عشر من الشهر الجاري، والمرسل معه صورة التقرير المقدم من الكولونيل استوارت إلى اللورد جرانفيل المشتمل على نتيجة ملاحظات هذا الضابط أثناء إقامته مؤخرا في السودان، وعلى بيان التدابير التي يرى من المفيد اتخاذها لتنظيم الإدارة في هذا القطر من جديد.
صفحة غير معروفة
وإني بعد إبلاغكم بوصول خطابكم الآنف الذكر والتقرير السابق الذي قرأته بتدبر زائد، أرجو يا حضرة الوزير أن تقبلوا عظيم تشكراتي، وتتكرموا بإهداء خالص شكري إلى الكولونيل استوارت.
الإمضاء
شريف
ثم قام اللفتنانت كولونيل استوارت من الخرطوم في 10 مارس سنة 1883 عائدا إلى القاهرة بطريق سنار وكسلا ومصوع؛ إتماما لبحثه هذه النواحي من السودان. وأرسل من مصوع إلى سير إدوارد مالت في 18 أبريل من السنة المذكورة تقريرا عن السودان الشرقي وحدود الحبشة، أودعه جميع ملاحظاته التي شاهدها ، ومن بينها الملاحظة الآتية: «إجمالا لما شاهدته في مصوع، وللحالة التي هناك، أقول إنه إذا عجل بإبدال المحافظ وتعيين رجل أذكى منه وأحزم، كانت الأمور أدعى إلى الإصلاح.»
وقد وصل هذا التقرير إلى القاهرة في 23 مايو سنة 1883 (راجع الكتاب الأزرق الصادر عام 1883، ج22)، وأرسله سير إدوارد مالت في 24 مايو المذكور إلى إرل جرانفيل مع رسالة منشورة في الكتاب السابق تحت رقم 25، وأبلغ سير إدوارد مالت الملاحظة المذكورة آنفا عن مصوع إلى شريف باشا رئيس النظار، وأخطر بذلك إرل جرانفيل في رسالة أرسلها إليه من القاهرة في 24 مايو سنة 1883م، ونشرت في الكتاب الأزرق تحت رقم 6.
ولم يكتف إرل جرانفيل بإبلاغ سير إدوارد مالت لشريف باشا الملاحظة الخاصة بمصوع دون غيرها، فطلب منه في الخطاب الآتي أن يبلغ رئيس النظار في مصر بعض مسائل أخرى. وها هو الخطاب المذكور نقلا عن الكتاب الأزرق الصادر عام 1883، ج22:
رقم 54: من إرل جرانفيل إلى سير إ. مالت
وزارة الخارجية في 13 يوليو سنة 1883
سيدي
علمت من رسالتكم المؤرخة في 24 من الشهر الماضي أنكم أبلغتم الحكومة المصرية ما ورد في تقرير الكولونيل استوارت المؤرخ في 18 أبريل متعلقا بالحالة في مصوع فقط. ولكن من المرغوب فيه أيضا أنها تكون على علم بحوادث الرشوة وسوء الإدارة وفساد الأحكام التي لفتت نظر هذا الضابط، وكذلك بالمسلك الذي ينهجه الجنود في السودان.
صفحة غير معروفة
وتجدون مع هذا صورة من التقرير الآنف الذكر مؤشرا فيها على الفقرات التي نوهت بها آنفا، فأرجوكم أن تجملوها في مذكرة وترسلوها للحكومة المصرية.
وإني لكم ... إلخ ...
الإمضاء
جرانفيل
وعملا بهذه الأوامر أرسل سير إدوارد مالت إلى الحكومة المصرية مذكرة تتضمن الفقرات التي أشار إليها إرل جرانفيل في خطابه السابق، وبعث خطابا بذلك إلى إرل جرانفيل، نشرت محتوياته في الكتاب الأزرق لعام 1883، ج22، وها هو ذلك الخطاب:
رقم 64: من سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل
ورد في 8 أغسطس
القاهرة في 23 يوليو سنة 1883
سيدي
أتشرف أن أرسل إليكم مع هذا صورة المذكرة والكتاب اللذين أرسلتهما إلى شريف باشا حسب أمركم الوارد في رسالتكم المؤرخة في 13 الجاري. وهما يتناولان الحالة في السودان كما وصفها الكولونيل استوارت في تقريره.
صفحة غير معروفة
وإني لكم ... إلخ ...
الإمضاء
إدوارد ب. مالت
وهاك الكتاب الذي أرسله سير إدوارد مالت إلى شريف باشا مع مذكرته السابقة:
ملحق رقم 64: من سير إ. مالت إلى شريف باشا
القاهرة في 21 يوليو سنة 1883
سيدي رئيس النظار
رغب إلي إرل جرانفيل بشأن ما جاء في كتابي إلى عطوفتكم المؤرخ في 14 مايو، أن أبلغ عطوفتكم بعض فقرات أخرى من تقرير كولونيل استوارت عن رحلته من الخرطوم إلى مصوع.
والمذكرة المرسلة مع هذا فيها بيان عن الحالة في سنار والقضارف وكسلا والبلاد الأخرى حتى سنهيت. وأتشرف أن ألفت أنظار عطوفتكم إلى حوادث الرشوة، وسوء الإدارة، وفساد الأحكام المنوه بها في تقرير الكولونيل استوارت، وكذلك إلى سوء مسلك الجنود غير النظامية.
ولي الشرف ... إلخ ...
صفحة غير معروفة
الإمضاء
إدوارد ب. مالت
وحدث غير ذلك من تعرض الإنجليز للسودان حادث آخر هو أن الكابتن منكريف
Captain Moncrieff
قنصل بريطانيا في جدة كلف بالذهاب إلى سواكن لكتابة تقرير عن حالة النواحي المجاورة لهذه المدينة التي لم يعرج عليها كولونيل استوارت أثناء طوافه بتلك البقاع.
وفي رأينا أن الباعث على تكليف الكابتن منكريف بهذه المهمة يرجع إلى رغبة الحكومة البريطانية في إحاطتها إحاطة تامة بجميع شئون أنحاء السودان، تلك المسألة التي صرحت في كثير من مكاتباتها الرسمية بأنها لا تهتم بها ولا ترغب في التعرض لها.
وقد سافر الكابتن منكريف إلى سواكن في منتصف عام 1883، وبعث بتقريره عن هذه الناحية وما جاورها إلى سير إدوارد مالت، الذي أرسله من القاهرة إلى إرل جرانفيل في 10 أغسطس من هذه السنة مع رسالة نشرت في الكتاب الأزرق لعام 1883، ج13، تحت رقم 83.
وحدث بعد ذلك أن رافق الكابتن منكريف في نوفمبر من السنة المذكورة قوة بقيادة اللواء محمود طاهر باشا - قائد الجيوش المصرية في السودان الشرقي - لإنقاذ مدينة سنكات التي كان يحاصرها الدراويش. وقد انهزمت هذه القوة وقتل الكابتن منكريف في هذه الواقعة؛ فكان من هذا الحادث أن أرسل سير إ. بارنج
Sir E. Baring
إلى إرل جرانفيل الرسالة الآتية، وقد نشرت في الكتاب الأزرق الصادر عام 1883، ج1، باب المراسلات الإضافية عن الأحوال في مصر، وها هي:
صفحة غير معروفة
رقم 163: من سير إ. بارنج إلى إرل جرانفيل
ورد في 20 ديسمبر
القاهرة في 10 ديسمبر سنة 1883
أتشرف أن أرسل مع هذا صورة من كتاب خاص جاءني من سواكن في 14 ديسمبر. أما الكتاب الذي يقول المراسل أنه أرسله إلي في اليوم الأول من ديسمبر فلم يصل إلى الآن.
وليس بالإمكان تبرئة الحكومة المصرية من اللوم في هذا الحادث؛ إذ من الواضح أن محمود طاهر باشا قائد لا كفاية له البتة. وقد تكلمت مع شريف باشا بلهجة شديدة بصدد سلوك هذا الضابط بعد الموقعة التي أودت بحياة الكابتن منكريف. وقد سافرت لجنة إلى سواكن كما أخبرتكم للتحقيق في سلوكه. ورغما عن هذا فلا يزال متربعا في وظيفة القيادة، وأظن أنه قائم بأعبائها حتى هذه الآونة.
وقد تقرر أخيرا استدعاء محمود طاهر باشا ومحاكمته أمام مجلس عسكري في القاهرة.
وإني أتشرف أن أكون ... إلخ ...
الإمضاء
إ. بارنج
الخلاصة
صفحة غير معروفة
وخلاصة ما ذكرناه في هذا الباب أنه لم يكد يمضي أسبوعان على الاحتلال البريطاني لمصر، حتى قدم الكولونيل سير تشارلس ولسن بمحض رغبته واختياره - وبدون أن تطلب الحكومة المصرية منه ذلك - مذكرة في 29 سبتمبر سنة 1882 إلى سير إ. مالت قنصل بريطانيا العام في مصر، يلفت فيها نظره إلى خطورة الحال في السودان، ويقترح ضرورة إرسال ضابطين إنجليزيين إليه «لكتابة تقرير عنه وعن الوسائل اللازمة لاستتباب الأمن فيه».
وهذه المذكرة أرسلها سير إ. مالت بدوره إلى إرل جرانفيل وزير خارجية بريطانيا، وأصحبها برسالة يعزز فيها رأي سير تشارلس ولسن، فوافق إرل جرانفيل على ذلك، وبعث اللفتنانت كولونيل استوارت إلى السودان للقيام بهذه المهمة، فأتمها وأرسل تقريرا مطولا عنه، أرسله سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل، فكتب هذا إلى مستر كرتريت القائم بأعمال سير إ. مالت وقتئذ، يخبره بأنه كلف إرل دوفرن أن «يطلع الحكومة المصرية على الإصلاحات التي أشار كولونيل استوارت بإدخالها في مديريات هذا القطر»، وقد قام بهذا الأمر سير إ. مالت، فأرسل إلى شريف باشا رئيس مجلس النظار في مصر كتابه الذي أعرب فيه عن رجائه في أن تنال هذه المقترحات عناية الحكومة المصرية (وقد اعتبر إرل جرانفيل هذا العمل بمثابة أمر كما سيتضح ذلك فيما بعد)، فرد عليه شريف باشا يخبره بوصول كتابه ويشكره هو وكولونيل استوارت.
ثم رجع هذا الكولونيل بطريق مصوع كي يتمم تقريره عن السودان الشرقي، فأتمه وأرسله إلى سير إ. مالت الذي لفت نظر شريف باشا إلى ما ورد في هذا التقرير عن مصوع فقط. ثم بعث به سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل وأخبره بما فعل، فلم يكتف بذلك إرل جرانفيل وطلب من سير إ. مالت أن يبلغ شريف باشا فقرات أخرى وردت بالتقرير المذكور وأشار إليها بنفسه.
فصدع سير إ. مالت بالأمر، وكان ما كان من إرسال الكابتن منكريف قنصل بريطانيا في جدة إلى سواكن، التي لم يمر بها الكولونيل استوارت، لكتابة تقرير عن الجهات المجاورة لها، وذلك على ما نرى لاستكمال بحث أحوال السودان، ثم ورود هذا التقرير إلى سير إ. مالت وإرساله منه إلى إرل جرانفيل، ثم قتل الكابتن منكريف في معركة مع الدراويش، فكان مقتله سببا في توجيه سير إ. بارنج لشريف باشا عبارات شديدة اللهجة ضد اللواء محمود طاهر باشا قائد القوة المصرية في هذه المعركة. وانتهى الأمر باستدعاء هذا القائد ومحاكمته أمام مجلس عسكري بالقاهرة.
وبعد كل هذا وذاك ما زالت الحكومة البريطانية مصرة على زعمها من أنها لم تتدخل في مسالة السودان في ذلك الوقت، وأنها لم تهتم بأمره أقل اهتمام.
الدور الثاني
ثورة المهدي
لقد كان السودان قبل هذه الثورة جزءا متمما لمصر، ولم يكن قائما بذاته ولا منفصلا عنها. ولما شبت الثورة المذكورة، وكان ذلك قبل الاحتلال البريطاني لمصر، صادفت في أول أمرها بعض النجاح، ولكن لم تلبث هذه الحال بعد تعيين عبد القادر باشا حكمدارا عاما للسودان أن تغيرت، وقبض هذا الضابط القدير على ناصية الحال بالقوة المحلية التي كانت تحت إمرته، بدون أن يلتجئ إلى طلب إمدادات من مصر، التي كانت في ذلك الحين في شغل شاغل عنه لاضطراب البلاد بالثورة العرابية.
وقد تمكن عبد القادر باشا من قمع تلك الفتنة، وإخماد نار الثورة في الجزيرة كلها تقريبا. ولا ريب أنه كان في إمكانه إعادة الأمن إلى ربوع السودان، إذا كان قد أمد بالخمسة عشر ألف جندي التي فوض أمر قيادتها إلى هكس باشا.
فقد كانت الخطة التي وضعها خطة حكيمة؛ وهي تنحصر في أن يستمر مرابطا هو وجيوشه ومدفعيته وأسطول البواخر على طول مجرى النيل الأبيض. وفي هذا الوقت لم يكن بيد المهدي سوى كردفان، وهي عبارة عن بيداء قاحلة، لا تستطيع بحال من الأحوال أن تمير الجموع الملتفة حوله؛ فكان بذلك مضطرا للتخلص من هذا الموقف إلى سلوك أحد هذين الطريقين: فإما أن يخاطر بنفسه - وهذا أمر بعيد الاحتمال - ويهاجم جيوش عبد القادر باشا وهي متحصنة على النهر بمدافعها وبواخرها، فتضربه الضربة القاضية.
صفحة غير معروفة
وإما أن يبقى كما هو محصورا في كردفان - وهذا أكثر احتمالا - فيكون القضاء عليه محققا بمرور الزمن؛ أعني أن الجوع لا يلبث أن يهاجم جموع أولئك الغوغاء، فيفت في عضدهم ويبدد شملهم، فتخبو نار الثورة من تلقاء نفسها. هذا فضلا عن أن أنصار المهدي يكونون قد أدركوا أن حكومة هذا الرجل أقل رفقا بهم من حكومة مصر، فينصرفون عنه ويهجرونه حالما تخمد جذوة الحماس الذي تأجج بين ضلوعهم في بادئ الأمر.
هذه كانت هي خطة القائد المصري البارع عبد القادر باشا حلمي، وهي بلا شك خطة حكيمة سديدة. وإننا نرى من الإنصاف لذكرى الكولونيل استوارت أن نقول إنه كان يرى رأي عبد القادر باشا عينه، ولكن مما يؤسف له أشد الأسف أن هذا الرأي لم يعمل به، ولو نفذ لما كان السودان سقط في أيدي الثوار أبدا.
قال سلاطين باشا
Slatin Pasha
في كتابه «السيف والنار»، ص232، بهذا الصدد:
لو صادفت نصائح عبد القادر باشا آذانا مصغية لجرت الأمور في السودان في غير المجرى الذي جرت فيه، ولكانت النتائج غير هذه النتائج السيئة.
فقد كان يرى عدم تسيير حملة كبيرة لإعادة فتح كردفان، وأن تترك والثوار الذين فيها، وأن يبقى الجيش المصري والمدد الذي يتلقاه مرابطا في حصون قوية على طول مجرى النيل الأبيض، وكانت القوات العسكرية التي تحت إمرته كافية لقمع ثورة الجزيرة الواقعة بين النيلين الأزرق والأبيض، والإيقاع بجيوش المهدي الآتية من الغرب والحيلولة دون تقدمها.
ولو اختيرت هذه الخطة لكان من المحتمل كثيرا أن يدب الفساد في صفوفهم، وتسودهم الفوضى بسبب اختلال الإدارة عندهم وعدم وجود نظام ما يستندون إليه؛ وبذلك تستطيع الحكومة أن تسترجع الأراضي التي ضاعت منها ولو بالتدريج على ممر الأيام. ولا ريب في أني لم أكن بمستطيع في ذلك الحين أن أحتفظ بسيطرة الحكومة في دارفور. على أننا لو قدرنا في هذه الحالة ضياع هذه المديرية نهائيا، فإننا نكون قد اخترنا أخف الضررين بلا مراء. ولكن لم يكن ذلك رأي القابضين على أزمة الحكم في القاهرة.
فقد ظهر أمر عال جاء فيه أنه لا بد من توطيد سطوة الحكومة بجيش يرسل تحت إمرة الجنرال الإنجليزي هكس، بمساعدة ضباط أوروبيين آخرين. أما عبد القادر باشا فقد استدعي وعين علاء الدين باشا - الذي كان فيما سبق حكمدارا عاما لشرقي السودان - بدلا منه.
فلم تكد تبلغ مسامع المهدي هذه الأخبار حتى وعاها وعمل لها حسابها وأعد لها عدتها. ا.ه.
صفحة غير معروفة
وقد استمر عبد القادر باشا حلمي على خطته الآنفة الذكر، وفي أثناء ذلك حدث الاحتلال البريطاني، وأرغمت مصر بعده مباشرة على استدعاء قائدها المنتصر وأحد أبنائها الظافرين، الذي كان في مقدوره أن ينتشل بلاده من أزمة من أكبر الأزمات التي انتابتها في تاريخها كله، دون الحاجة إلى الاستعانة بأي عنصر أجنبي. وفعلا استدعي عبد القادر باشا حلمي من السودان، واستبدل به ضابط مصري آخر هو سليمان نيازي باشا، وعين معه هكس باشا رئيسا لأركان حربه. وكان الغرض من ذلك كما تكشف عنه الوثائق المنشورة بعد هو أن يكون القائد المصري قائدا بالاسم فقط، ويكون الرئيس البريطاني لهيئة أركان الحرب هو القائد الفعلي . فقد رئي أن رجلا قوي الشكيمة كعبد القادر باشا لا يمكن أن يقبل بتاتا مركزا هذه صفته، لا سيما بعد ما أيده الله به من النصر والتوفيق. وهذا فيما نظن كان علة استدعائه.
على أن الأمور لم تجر كما كان مقدرا لها؛ فإن سليمان نيازي باشا نفسه - الذي كان الإنجليز يرون فيه رجلا ضعيفا يخضع لأوامر هكس باشا - قد خيب ظنهم ولم يفعل ما كانوا يرجونه منه، فاقتضى الأمر استدعاءه هو أيضا، وسلمت قيادة جيش السودان نهائيا إلى هكس باشا ومعه عدد من الضباط البريطانيين لمساعدته.
فهل يسلم عاقل بعد هذا بأن كل ما حصل كان بدون تدخل الحكومة البريطانية، وإذا كانت ثمة حاجة ماسة لمصر إلى تعيين قائد بريطاني، وهيئة أركان حرب بريطانيين على رأس جيش السودان، فلم لم يبد ذلك منها قبل احتلال الإنجليز لها؟
ويؤيد ما قلناه آنفا من أن الغرض من تعيين قائد مصري آخر بدلا من عبد القادر باشا حلمي هو أن يكون ذلك القائد قائدا بالاسم لا بالفعل، ما قاله ه. أ. كلفي
H. A. Kolvy
في كتابه «تاريخ الحملة السودانية»، ص12، وهو حامل لوسام الحمام السامي الشان، ومن فرقة حرس الجريناديرز المشهورة، وقد استقى معلوماته وجمعها من قسم المخابرات بوزارة الحربية بلندن عام 1889.
وكتابه وثيقة رسمية وفي المرتبة الأولى من الأهمية، وإليك ما جاء فيه بهذا الصدد:
عبد القادر باشا يخلفه هكس باشا، وكان عزم عبد القادر باشا في ذلك الوقت أن يتعقب الفريق المرتد إلى كاروج، ولكن قبل تمكنه من ذلك حل محله في سلطته المدنية علاء الدين باشا الذي وصل إلى الخرطوم، وحل في سلطة عبد القادر العسكرية سليمان نيازي باشا «اسما»، وهكس باشا «فعلا»، وقد كان هذا في فيلق ضباط أركان حرب بومباي، ثم التحق بالجيش المصري برتبة ميجر جنرال. وقد جاء نيازي باشا إلى الخرطوم في 20 فبراير سنة 1883 بوظيفة قائد عام، بينما جاءها هكس باشا في 7 مارس في هذه السنة بصفة رئيس أركان حربه، إلا أن سليمان نيازي باشا كان قد أفهم أن عليه أن يرجع في جميع الأمور إلى رأي مرءوسه الذي «ألقي على عاتقه تبعة تدبير الاستعدادات وإدارة الحركات الحربية». ا.ه.
فهل هناك برهان أوضح من هذا على صدق ما قلناه آنفا؟
نعم، إن هكس باشا وضباط أركان حربه الإنجليز كانوا ضباطا ممتازين، ولهم دراية حسنة بمهنتهم العسكرية، لكنهم كانوا يجهلون تمام الجهل حالة البلاد وطبيعة أرضها. وبدلا من أن يتبع أولئك الضباط خطة عبد القادر باشا حلمي التي هي غاية في الحكمة، ويضعوها نصب أعينهم، ساقوا الجيش إلى صحاري كردفان. وهناك هلك منه من هلك ظمأ، ومن بقي قاتل في أرض موافقة تمام الموافقة للأعداء، وغير صالحة لقتال جيش منظم، فعانى أشد الآلام ثم أبيد عن آخره؛ أعني أن ما كان منتظرا أن يحل بالمهدي ورجاله حل بجيشنا بسوء الخطة التي وضعت له.
صفحة غير معروفة
فمن المسئول بعد كل هذا عن ضياع السودان، أمصر أم إنجلترا؟
وإليك ما قاله الجنرال السير رجنالد ونجت باشا
Sir Reginald Wingate Pasha - وهو أعرف القواد الإنجليز بالمسائل السودانية - بالصفحة 115 من تقرير اللورد كرومر
Lord Cromer
عن مصر والسودان سنة 1906، بعد أن عاين ميدان القتال:
زرت ميدان الواقعة التي قتل فيها الدراويش المرحوم الجنرال هكس باشا، وأفنوا كل جيشه سنة 1883. ومن الغريب أن العساكر كانوا في حالة شديدة من العطش مع وجود بركة كبيرة من المياه على بعد ميل واحد عنهم، ولكنهم لم يعلموا بها، والمحل واقع على بعد 30 ميلا جنوبي الأبيض في وسط غابة كثيفة. ولا شك في أنه لو كانت النجدة المرسلة لرفع الحصار عن الأبيض أكثر عددا وأقوى عددا لكانت لاقت ما لاقته حملة هكس. وإرسال تلك الحملة في أحوال كهذه يعد ضربا من الجنون، وهو أكبر دليل على أن الحكومة في ذلك الحين لم تكن عالمة بحقيقة الحال، ولم تحسب حسابا للصعوبات التي لا بد لجيش عظيم من ملاقاتها في أثناء مروره ببلاد كهذه. ا.ه.
وقد وصل اللورد كرومر من إنجلترا إلى مصر بعد سفر الحملة بعدة أيام، فكتب عنها في تقريره السابق الذكر، ص116، ما يأتي:
لم أعثر على كتابة من الجنرال هكس يستدل منها على عدم استصوابه لهذه الحملة، ولكن لا ريب عندي في أنه كان عالما حق العلم أن الجيش الذي تحت قيادته لم يكن صالحا للقتال، ولم يشأ أن ينصح للحكومة بالعدول عن هذه الحملة حتى لا يقال إنه تردد في تأدية مهمة محفوفة بالأخطار. ا.ه.
وإننا نقول تعليقا على هذا القول - دون أن يكون لنا أدنى قصد إلى انتقاص الجنرال هكس، أو تسويء ذكرى هذا الجندي الذي فاض روحه في حومة الوغى، وصار في عداد الغابرين - إن هذا التأويل من اللورد كرومر لا يتفق مع الواقع.
وبيانا لذلك نذكر لك الكيفية التي ألفت بها هذه الحملة والحوادث التي توالت عليها:
صفحة غير معروفة