وكفرا إلى ما كان فيه من الشرك والكفر ، وكذلك لو لم ينكر ، إلا آية واحدة مما بصر وأري من آيات الله لكان بإنكارها مشركا ، صاغرا راغما (1)، ليس له بالله معرفة ولا إيقان ، ولا بعد إنكاره لها توحيد ولا إيمان.
ومن توحيد (2) الله ومعرفته ، وما هو أهله من حكمته ، أن تعلم (3) أنه لم يكلف ولا يكلف أبدا ، (4) من عبيده عبدا ، ما لا يتسع له ولا يمكنه ، ولا يأمره بما لا يستحسنه ، ولا يريد (5) أبدا منه ، ما ينهاه تعالى عنه ، ولا يزجره أبدا فينهاه ، عما يريده من الأمور ويشاء ، لما في ذلك كله (6) من خلاف الحكمة والرحمة ، وما لا يجوز أبدا أن يوصف به من الصفات المستقبحة المذممة ، (7) التي لا يلحق بالله جل ثناؤه منها صفة ، ولا تحتملها من المعارف بالله سبحانه معرفة ، لما يزول بها من الأسماء الحسنى ، والأمثال الكريمة العلى ، ولله جل ذكره من ذلك كله ما طاب وزكى ، ومن قال في الله بخلاف ذلك فقد قال شركا ، كما قال سبحانه : ( ولله الأسماء الحسنى ) [الأعراف : 180]. ( ولله المثل الأعلى ) [النحل : 60]. وقال : ( سبحانه وتعالى عما يصفون ) [الأنعام : 100]. و ( لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) [التوبة : 31].
ومن الايمان بالله بعد التوحيد لله إثبات الوعد والوعيد ، فمن أنكرهما ولم يكن مثبتا لهما ضلالة وتأويلا خرج بذلك من التوحيد ، وكان بإنكاره لهما متعديا ضالا ، وعميا جاهلا ، وإن هو أنكر شيئا من آيات تنزيلهما كان بالله مشركا ، ومن توحيد الله خارجا وله تاركا.
وكذلك كل من أنكر فريضة من فرائض الله كلها تنزيلا ، فإن كان إنكاره لها
صفحة ٦٤٢