وكان الله غفورا رحيما (152)) [النساء : 150 152]. فمن فرق من ذلك بين ما جمع الله وألف ، خرج بتفريقه ذلك مما أقر به من توحيد الله وعرف ، وكان منكرا بذلك كله، بإنكاره لما أنكر من أقله.
[مرجع أهل الديانات]
وقد سأل عن هذا بعينه ، وما قلت به من تبيينه ، نصراني ، كان يغشاني ، من قبط أهل مصر يقال له سلمون ، وكان ربما اجتمع عندي هو والمتكلمون ، وكان هو يزعم في عيسى بخلاف ما تزعم النسطورية واليعقوبية والروم ، لأن أولاء كلهم يزعمون أن عيسى عليه السلام (1) ابن وإله ، ومنهم من يقول : إنه الله. وفي ذلك ما يقول سبحانه : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) [المائدة : 72 ، 17]. وكان هذا النصراني الذي ذكرنا يقول : إن عيسى عليه السلام عبد مربوب ، وصنع مخلوق ، وإن من لم يقل من النصارى بقوله ، وينسب عيسى صلى الله عليه إلى الخلق والعبودية ، فليس بنصراني ، وهو مشرك خارج من النصرانية.
فسأل يوما وهو عندي جماعة من الموحدين ، وفيهم حفص الفرد البصري وكان من المتكلمين ، فقال : يا هؤلاء أخبروني فقد زعمتم أنكم تنصفون ، وأنكم لا تقولون إلا بما تعرفون ، من أين زعمتم أن من أنكر محمدا أو جحده ، ولم يقر بما كان من النبوءة عنده ، منكر لله جاحد؟ والله فغير محمد معبود ومحمد عابد؟ وإنكار واحد ليس بإنكار اثنين ، لأن الشيء الواحد ليس بشيئين! فقد سألت منكم كثيرا عن هذه المسألة ، فأجابوا فيها بجوابات مختلفة غير مقنعة ، (2) وكيف أكون لك منكرا بإنكاري لغيرك؟ وهل تراه يصح في فكرك؟ أن أكون بإنكاري لمحمد لله منكرا وأنا به مقر ، وله موحد مجل معظم مكبر؟
صفحة ٦٤٠