إحراق جثث الموتى
وكانوا يدفنون جثث موتاهم ورمادها المتخلف عن إحراقها. هذا ويبدو من «الريجفيدا» أن القوم كانوا لا يعرفون يومئذ غير معاني غامضة عن الحياة الثانية، وحسبنا أن نذكر أن عندهم أن لأرواح الآدميين مساكن مع الآلهة في عالم «الباما»، أو أن الروح كانت ترحل إلى الماء أو الزرع، أما فكرة العقاب بعد الموت فلا يبدو لها ظل في «الريجفيدا».
الحرب
كان الملك يقود الجيش، وكان الكشاتريون؛ أي النبلاء، يلبسون الخوذات والزرد والدروع اللينة ويقاتلون وهم في مركباتهم. أما العامة فكانوا يقاتلون وهم على أقدامهم، وكان القوس سلاحهم الأساسي، ولا يبدو أنهم عرفوا شيئا عن فن الحركات والحيل الحربية «التاكتيك» وكان الجيش يتقدم في غير نظام تصحبه أعلامه وتناديه صيحته العسكرية الصاخبة والضرب على الطبل .
الحكومة
كان لكل قبيلة من قبائل الهند وآريين ملك، كما أنها كانت مؤلفة - كما قدمنا - من طبقات ثلاث: (1) البراهما. و(2) الكشاتريا. و(3) الفيز «فيزيا» هذا ولئن كان الملك في الأصل وراثيا ، غير أنه كان أحيانا ينتخب من طبقة الكشتاريين.
وكان الملك غير آمن على سلطته؛ وكان رجاله يعقدون اجتماعات، ولئن كان القسيس الهندي على عهد شاندراجوبتا لم يعد يتدخل في شئون الدولة التي أصبحت واسعة يقوم بأمرها موظفون عديدون - إلا أن آزوكا أشاع في حكومته روح البوذية، فقد ألغى الصيد الملكي، وأبدل من المواكب الملكية المرحة مواكب دينية، وفي العام الرابع عشر من حكمه أمر الموظفين الإداريين بأن يقوموا، إلى جانب أعمالهم الاعتيادية، بتعليم الناس الدين والأخلاق، وبعد عام آخر، عين من كبار الموظفين أناسا مهمتهم مقصورة على تعليم قواعد الدين والتقوى للرعايا من الجنسين مهما تكن معتقداتهم سواء أكانوا من العاملين في القصر الملكي أم غيرهم، وعلى هؤلاء الموظفين أيضا أن يعاقبوا على الذنوب وأن ينظموا الهبات الخيرية.
كانت البوذية منذ ثلاثمائة سنة إلى يومئذ تسير سيرا عاديا في هدوء حتى إذا نهض بها آزوكا لبست ثوبا رسميا وأصبحت أوامر الإمبراطور تختصها بالعناية والإدارة، وتذهب إلى إيفاد البعثات التبشيرية إلى الخارج، خاصة منذ عقد المجلس البوذي الثالث في باتاليبوترا حول 523ق.م. مدة تسعة أشهر، ويقال إن آزوكا قد أوفد ابنه الراهب ماهندرا وابنته الراهبة سانجها ميترا، إلى سيلان فأصبحت البوذية دين سكانها. وقد كانت أمنية آزوكا وشعاره أن ينعم الناس بالأمان والسلام العقلي والسعادة وضبط النفس، وقد دونت مبادئ تفانيه الديني على الصخور الجرانيتية والأعمدة الحجرية من مملكة يوسافزاي في الشمال قبل إقرار أعماله؛ وكان بمثابة الحامي لشعبه، وكان يصدر العدالة والقضاء، وكان له على رعاياه حق الطاعة وواجب تمويل ملكه مقابل ما يؤديه لهم من الخدمة، ولم يكن المالك المطلق للأرض، وكان ما يؤدونه له من المال، في بداية الأمر، على سبيل التبرع والتطوع. وكان الملك يعمد إلى استشارة قسيسه «يوروهيتا» في إدارة شئون المملكة. ولم تكن معدودة يومئذ وحدة قانونية، وليس معروفا هل كان منصب رئيس القرية وراثيا وإن كان له الإشراف على شئون سكانها الحربية والمدنية. وكان العقاب على الجريمة كالسرقة من حق المجني عليه، وليس هناك ذكر لعقوبة الإعدام في الريفيدا.
المهن
كانت الزراعة المهنة الأصلية للمتوطنين وكانت أملاكا صغيرة، وحول 800-600ق.م. أخذت الصناعة مكانها، فكانت الدور تصنع من الخشب، وكان هناك صائغو الحلي والجواهر والنساجون. كذلك عرفت مهنة الحلاق والمنجمين والدجالين والبهلوانيين وباعة السمك المجفف، وعرفت الفضة واستعمالها. ولما كانت النقود غير معروفة يومئذ، كانت المبادلة تجرى بين السلع وبين الماشية التي أخذ العقد الذهبي والذهب الموزون يحل محلها في التعامل. وكان الهندوسي يتناول اللحم في طعامه قبل أن تتسع دائرة العمل بمبدأ الأهيزما «تحريم المساس بالحيوان»، ذلك التحريم المشار إليه في الفصل السادس من كتاب الآثارفافيدا الذي جعل هذا مع الشراب المسكر في عداد الرذائل.
صفحة غير معروفة