المسائل والأجوبة لابن قتيبة

ابن قتيبة ت. 276 هجري
143

المسائل والأجوبة لابن قتيبة

محقق

مروان العطية - محسن خرابة

الناشر

دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

تصانيف

٤٠ - سَأَلْتَ عَنْ قَولِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: "إِذَا رَأَيتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوْا فِي وُجُوْهِهِمْ التُّرَابَ" (١)؟ . • وَهَذَا عِنْدَنَا أُرِيدَ بِهِ الْمَدَّاحُوْنَ بِالْبَاطِلِ كَالرَّجُلِ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَسْتَنْزلُ مَا عِنْدَهُ بِتَقْدِيمِ مَدْحِهِ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى مَا أَمَّلَهُ مِنْهُ كَمَا يَفْعَلُ الشُّعَرَاءُ، فَيَقُوْلُوْنَ: أَنْتَ أَسْرَعُ (٢) مِنَ الرِّيحِ (٣) وَأَشَدُّ إِقْدَامًا مِنَ السَّيلِ (٤) وَأَهْيَبُ مِنَ اللَّيلِ (٥) وَأَجْرَأُ مِنَ اللَّيثِ (٦). وَإِنَّمَا كَرِهَ هَذَا لِأَنَّهُ كَذِبٌ؛ وَلِأَنَّهُ دَاعِيَةٌ إِلَى الْعَجْبِ والْكِبْرِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ: "الْمَدْحُ هُوَ الذَّبْحُ" (٧)، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ مَنْ مَدَحَ رَجُلًا بِمَا فِيهِ فَقَدْ مُدِحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الشِّعْر، وَفِي الْخُطَب، وَفِي الْمُخَاطَبَة، فَلَمْ يَحْثُ فِي وَجَوْهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ. وَلا أَمَرَ بِذَلِكَ كَقَوْلِ أَبِي طَالِبٍ (٨) فِيهِ:

(١) أخرجه مسلم في الزهد باب النهي عن المدح رقم ٣٠٠٢، وابن ماجة في الأدب، وأبو داود في الأدب ٤٨٠٤، ورواه أحمد في المسند ٢/ ٩٤ و٦/ ٥، والترمذي رقم ٢٣٩٥ و٢٣٩٦ في الزهد باب ما جاء في كراهية المُدْحة والمدّاحين، وانظر جامع الأصول ١١/ ٥٢ - ٥٤، وكشف الخفاء ١/ ٩٤ والفتح الكبير ١/ ١١٤، وهو حديث حسن صحيح. (٢) في الأصل أجود، والصواب ما أثبتناه، انظر المسألة (٩٤) من الكتاب نفسه. (٣) انظر الدرة الفاخرة ١/ ٢١٧ و٢/ ٤٤١، ومجمع الأمثال ١/ ٣٥٥. (٤) انظر مجمع الأمثال: (أسرع من السيل)، والدرة الفاخرة ١/ ٢١٧. (٥) انظر مجمع الأمثال: (أجرأ من الليل) والدرة ١/ ١٠٧. (٦) انظر مجمع الأمثال: (أجرأ من الليث) والدرة ١/ ١١٦ ومجمع الأمثال ١/ ١٨٩. (٧) الأدب المفرد للبخاري ص ١٢٣ رقم ٣٣٧، وعيون الأخبار ١/ ٢٧٥. (٨) هو أبو طالب، عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم، من قريش والد علي (- رضي الله =

1 / 145