الرحمنُ مدًّا (١) . وجرًّا: مصدر جرّه يجرّه، إِذا سجنه، وَلَكِن لَيْسَ المُرَاد الجرّ الْحسي بل المُرَاد التَّعْمِيم كَمَا اسْتعْمل السحب بِهَذَا الْمَعْنى إلاّ أنّه يُقال: هَذَا الحكم منسحب على كَذَا، أَي: شَامِل لَهُ (٢) . فَإِذا قيل: (كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهَلُمَّ جرًّا)، فكأنّه قيل: واستمرَّ ذَلِك فِي بَقِيَّة الأعوام استمرارًا، فَهُوَ مصدر (٣) . أَو: استمرّ مستمرًّا فَهُوَ (٤) حَال مُؤَكدَة. وَذَلِكَ ماشٍ (٥) فِي جَمِيع الصُّور، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يفهمهُ النَّاس من هَذَا الْكَلَام (٦) . وَبِهَذَا التَّأْوِيل ارْتَفع إِشْكَال الْعَطف فإنَّ (هَلُمَّ) حِينَئِذٍ خبر، وإشكال الْتِزَام إِفْرَاد الضَّمِير إذْ فَاعل (هَلُمَّ) هَذِه (٧) مُفْرد أبدا، كَمَا تَقول: واستمرَّ ذَلِك. أيْ: وَاسْتمرّ (٨) مَا ذكرته. فإنْ قلتَ: قد اشْتَمَلت هَذِه التوجيهات الَّتِي وجَّهت بهَا هَذِه الْمسَائِل على تقديرات كَثِيرَة وتأويلات متعقدة (٩)، وَلم يُعهد فِي كلامِ النَّحْوِيين (١٠) مثل ذَلِك. قلتُ: ذَلِك لأنّك لم تقف لَهُم على كَلَام على مسَائِل متعقدة (١١) مشكلة اجْتمعت فِي مَكَان وَاحِد، وَلَو وقفت لَهُم على ذَلِك لوجدت فِي كَلَامهم مثل ذَلِك، وَأَمْثَاله كَثِيرَة (١٢) وَالله تَعَالَى أعلم. انْتَهَت أجوبة هَذِه الْمسَائِل بِحَمْد الله تَعَالَى وَحسن عونه، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا وَنَبِينَا ومولانا مُحَمَّد نبيّه وَعَبده وعَلى آله وَأَصْحَابه وأزواجه وذريَّته (١٣) .
_________
(١) مَرْيَم ٧٥. وَينظر: إِعْرَاب الْقُرْآن ٢ / ٣٣٦.
(٢) ب: شَامِل على كَذَا.
(٣) (فَهُوَ مصدر) سَاقِطَة من ب.
(٤) ب، ح: فَهِيَ.
(٥) ب: وَهَذَا جَار.
(٦) ب: التَّرْكِيب.
(٧) ب: لفاعل هَذِه.
(٨) ح: واستمرر.
(٩) ب: مُتعَدِّدَة.
(١٠) ب: النُّحَاة.
(١١) ب: مُتعَدِّدَة.
(١٢) سَاقِطَة من أ.
(١٣) هَذِه خَاتِمَة النُّسْخَة (أ) . أما (ب) فقد جَاءَ فِيهَا بعد (وَالله تَعَالَى أعلم): وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل. انْتهى بِحَمْد الله وَحسن عونه وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم.
1 / 40