القَوْل فِي: يجوز كَذَا خلافًا لفُلَان وأمّا قَوْله: (يجوز كَذَا خلافًا لفلانٍ) فقد يُقال: إنّه يجوز فِيهِ وَجْهَان: الأول: أنْ يكون مصدرا كَمَا أنّ قَوْلك: (يجوز كَذَا اتِّفَاقًا وإجماعًا) بِتَقْدِير: اتَّفقُوا على ذَلِك اتِّفَاقًا، وَأَجْمعُوا عَلَيْهِ إِجْمَاعًا. وَيشكل على هَذَا أنّ فعله المقدّر إمّا اخْتلفُوا أَو خالفوا أَو خَالَفت. فَإِن كَانَ (اخْتلفُوا) أشكل عَلَيْهِ أَمْرَانِ: أَحدهمَا (١): أنّ مصدر اخْتلف إنّما هُوَ الِاخْتِلَاف لَا الْخلاف. الثَّانِي: أنّ ذَلِك يَأْبَى أَن يَقُول بعده: لفُلَان. وإنْ كَانَ (خالفوا) أَو (خَالَفت) أشكل عَلَيْهِ أنّ (خَالف) لَا يتَعَدَّى باللامِ بل بِنَفسِهِ. وَقد يخْتَار هَذَا الْقسم ويُجاب عَن هَذَا الِاعْتِرَاض بأنْ يُقال: تُقدر (٢) اللَّام مثلهَا فِي: (سقيا لَهُ) (٣) أَي مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره: أَعنِي لَهُ أَو إرادتي لَهُ، أَلا ترى أنَّها لَا تتَعَلَّق ب (سقيا) لأنّ سقى يتَعَدَّى بِنَفسِهِ. الْوَجْه الثَّانِي: أنْ يكونَ حَالا، وَالتَّقْدِير: أَقُول خلافًا لفُلَان، أيْ: مُخَالفا لَهُ. وحذفُ القَوْل كثير جدًّا حَتَّى قَالَ أَبُو عَليّ (٤): (هُوَ من حَدِيث الْبَحْر قل وَلَا حرج) . ودلّ على هَذَا الْعَامِل أنّ كل (٥) حكم ذكره المصنفون فهم قَائِلُونَ بِهِ. وكأنّ القَوْل مُقَدّر قبل كلّ مَسْأَلَة. وَهَذِه الْعلَّة قريبَة من الْعلَّة الَّتِي ذكروها (٦) لاختصاصهم الظروف بالتوسع فِيهَا، وَذَلِكَ أنّهم (٧) قَالُوا: إنّ الظروف منزلَة من الْأَشْيَاء منزلَة أَنْفسهَا لوقوعها فِيهَا وأنّها لَا تنفكّ عَنْهَا، وَالله تَعَالَى أعلمُ.
_________
(١) ب: الأول.
(٢) سَاقِطَة من ح، وفيهَا: هَذِه اللَّام.
(٣) ينظر: شرح الْمفصل ١ / ١١٤، حَاشِيَة الصبان ٢ / ١١٧.
(٤) أَي الْفَارِسِي.
(٥) سَاقِطَة من ب.
(٦) ب: ذَكرنَاهَا.
(٧) أ: أَن.
1 / 28