وَزعم أَبُو عَمْرو بن الْحَاجِب (١) فِي أَمَالِيهِ: أنّ ذَلِك على الْمَفْعُول الْمُطلق، وأنّه فِي الْمصدر الْمُؤَكّد لغيره. قَالَ: وَذَلِكَ (٢) لأنّ معنى قَوْلنَا: (الإجماعُ لُغَة العزمُ): مَدْلُول الْإِجْمَاع لُغَة العزمُ. وَالدّلَالَة تَنْقَسِم إِلَى دلَالَة شرع وَإِلَى دلَالَة لُغَة وَإِلَى دلَالَة عرف، فلمّا كَانَت مُحْتَملَة، وَذَلِكَ (٣) أحد المحتملات، كَانَ مصدرا من بَاب الْمصدر الْمُؤَكّد لغيره. وَفِيمَا قَالَه نظر من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: مَا ذكرنَا من أنّ اللُّغَة لَيست مصدرا لأنّها لَيست اسْما للْحَدَث. الثَّانِي: إنّ ذَلِك لَو كَانَ مصدرا مؤكدًا لغيره لَكَانَ (٤) إنّما يَأْتِي بعد الْجُمْلَة فإنّه لَا يجوز أنْ يتوسط وَلَا أنْ يتَقَدَّم، لأنّه لَا يُقَال: (زَيدٌ (٥) حقًّا ابْني) وَلَا (حقًّا زيدٌ ابْني) وإنْ كَانَ الزجّاج (٦) يُجيز ذَلِك، ولكنّ الْجُمْهُور على خِلَافه. الْوَجْه الرَّابِع: أنْ يكون مَفْعُولا لأَجله، وَالتَّقْدِير: تَفْسِير الْإِعْرَاب لأجل الِاصْطِلَاح، أَي: لأجل بَيَان الِاصْطِلَاح. وَهَذَا الْوَجْه أَيْضا لَا يَسْتَقِيم، لأنّ المنتصب (٧) على الْمَفْعُول لأَجله (٨) لَا يكون إِلَّا مصدرا ك (قمتُ إجلالًا لَهُ)، وَلَا يجوز: (جئْتُك الماءَ والعشبَ) بِتَقْدِير مُضَاف، أَي: ابتغاءَ المَاء والعشب.
_________
(١) هُوَ عُثْمَان بن عمر الْكرْدِي النَّحْوِيّ الْمَالِكِي الْفَقِيه، ت ٦٤٦ هـ. أشهر كتبه: الكافية، الشافية، الأمالي، الْإِيضَاح فِي شرح الْمفصل. (وفيات الْأَعْيَان ٣ / ٢٤٨، الطالع السعيد ٢٢٨، الديباج الْمَذْهَب ٢ / ٨٦) .
(٢) ح: قَالَ ذَلِك.
(٣) ح: وَذكر.
(٤) سَاقِطَة من ب.
(٥) ب: زيدا، و(حَقًا ابْني وَلَا) سَاقِط من أ.
(٦) أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن السّري، من عُلَمَاء اللُّغَة والنحو، أشهر كتبه: مَعَاني الْقُرْآن وَإِعْرَابه، مَا ينصر وَمَا لَا ينْصَرف. ت ٣١١ هـ (تَارِيخ بَغْدَاد ٦ / ٨٩، مُعْجم الأدباء ١ / ١٣٠، طَبَقَات الْمُفَسّرين ١ / ١٧) .
(٧) ب: الْمَنْصُوب.
(٨) أ: لَهُ.
1 / 26