============================================================
المسائا المشكلة الموصوف. وعلى أي الوجهين حملت (ما)، فلا بد من معرفة مرادة في المعنى محذوفة من اللفظ يختص به المدح الشائع.
ألا ترى: أنك لو قلت: نعم رحلا، أو: نعم الرجل، لكنت مريدا مع ذلك مدوحا مخصوصا حذفته لجري ذكره وتقدمه، أو لدلالة حال أخرى عليه.
والمضمر في الآية المراد هو والله أعلم: موعظته، أو قوله، أو أمره، لأن الموعظة قد تكون هما، فالتقدير: إن الله نعما يعظكم أي: نعم الذي يعظكم به موعظته، أو نعم شيئا يعظكم به موعظته، فحذفت الموعظة أو غيرها للدلالة عليه، كما حذف نعم المخصوص بعد قوله: نغم العبد للدلالة عليه.
وذكر أبو الحسن هذه الآية في كتابه: (في القرآن) فقال فيها بعد أن تلاها: (ما) ها هنا اسم، وليست لها صلة، لأنك إن جعلت يعظكم به) صلة لاما) صار كقولك: إن الله نعم الشيء، أو نعم شيئا، فهذا ليس بكلام، ولكن تجعل (ما) اسما وحدها، كما تقول: غسلته غسلا نعما، تريد: نعم غسلا.
والقول فيها عندي ما قدمته من إرادة الممدوح المخصوص. ألا ترى أن (ما) لا تخلو من أن تكون معرفة، أو نكرة. فلو جعلته نكرة، وحعلت (يعظكم به) غير متصلة، لاحتحت إلى تبيين الممدوح، كما يلزم تبينه إذا قدرها نكرة، ويلزم تبيين (الغسل) أيضا في ذلك غسلا كما يلزم تبينه في قوهم: نعم الغسل، فالقول فيه عندي على ما تقدم.
ولا يجوز عندي أن تكون (ما) في قوله: للإن الله نعما يعظكم به ل التي تكون مع الفعل معنى المصدر، وتكون فاعلة (نعم)، لأن تلك حرف منزلة (أن) مع الفعل، فهو اسم مختص، كما أن (أن) مع صلته اسم مختص، ويدل على ذلك في الفصل الذي تضمنه ذكرها وحكمها.
فإن قلت: فهل يجوز أن تكون مع صلتها بعد (نعم) في الآية اليي هي مع الفعل عنزلة المصدر على أن لا تكون اسم (نعم وفاعلها، ولكن تكون المخصوص بالمدح، فيكون التقدير: إن الله نعم الشيء وعظه لكم: فذلك عندي غير جائز أيضا، لما ذكرت من أن تلك حرف غير اسم، وليس يجوز أن تكون (ما) حرفا، لما يرجع إليه من قوله: (به)، فهي في الآية على الوجهين
صفحة ٨٧