فإن قلت: إن (مكانكم) منصوب، والنصبة فيه ظاهرة.
قيل: ليست هذه الفتحة بنصب، وذلك أن انصابه لا يخلو من أن يكون بعامل عمل فيه بعد أن جعل اسمًا للفعل، أو أن يكون بعد التسمية به في الانتصاب على ما كان عليه قبل ذلك. فلا يجوز أن يكون انتصابه الآن وقد سمي به الفعل على ما كان قبل؛ ألا ترى أن تقديره معمولًا لذلك العامل واتصاله به، لا يصح كما يصح اتصاله به في المواضع التي لا يكون فيها اسمًا للفعل، وذلك قولك "زيد مكانك" و"الذي مكانك زيد" فهذا سد مسد الفعل الذي عمل فيه، وأغنى عنه من حيث كان تقدير العامل الذي تعلق به هذا الظرف في الأصل غير ممتنع، نحو: زيد استقر مكانك، أو مستقر، والذي استقر مكانك. ولو قدرت هذا العامل في الموضع الذي سمي الفعل به، لم يتعلق [به] على حد تعلق الظروف والمعمولات بعواملها؛ ألا ترى أنك إن علقته بها على أن ظرف بطل أن يكون جملة، وزال عنه معنى الأمر، فإذا كان كذلك لم يتصل به بعد أن صار اسمًا للفعل كما كان يتصل به قبل، وإذا لم يتصل به لم يكن معمولًا له، وإذا لم يكن معمولًا له لم يجز أن يكون، وهو اسم للفعل، معربًا بالإعراب الذي [كان] يعرب به قبل.