وسئل عن حديث عبد الله بن عمر عن النبي ﷺ تسليمًا أنّه قال: "يَنْزِلُ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ إلى الأَرْضِ، فَيَتَزَوَّجُ ويولَدُ له، وَيَمكثُ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَمُوتُ، وَيُدْفَنُ مَعِي في قَبْرِي، فَأَقُومُ أَنَا وَعِيسَى بنُ مَرْيَمَ مِنْ قَبْرٍ وَاحِدٍ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ"، ذكره هكذا ابن الجوزي في كتاب الرجاء في سيرة المصطفى.
فأجاب: هذا الحديث ذكره يونس بن بكير راوي السيرة النبوية الكبرى (١) عن
_________
(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (٥/ ٣٣١ رقم: ٥٤٦٤) وابن عدي في الكامل (٧/ ١٧٧) من طريق يونس عنه بلفظ: "ينزل عيسى بن مريم فيمكث في الناس أربعين سنة"، وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٢٠٥): رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. قلت: يونس بن بكير هو ابن واصل الشيباني أبو بكر الكوفي الحافظ، روى له مسلم متابعة، واختلف فيه، وثَّقه ابن معين ومحمد بن عبيد الله بن نمير وعبيد بن يعيش وابن عمار وابن حبان، وقال عثمان بن سعيد: لا بأس به، وقال أبو حاتم: محلّه الصدق، وقال الساجي: كان ابن المديني لا يحدّث عنه، وهو عندهم من أهل الصدق، وقال أبو زرعة: أمّا في الحديث فلا أعلمه مما ينكر عليه، وقال أبو داود: ليس بحجّة عندي، وقال النسائي: ليس بالقويّ، وقال مرّة: ضعيف، وقال العجلي: ضعيف الحديث، وقال الجوزجاني: ينبغي أن يتثبّت في أمره، ولخّص الحافظ الذهبي القول فيه في المغني (٧٢٦١) فقال: صدوق مشهور شيعي، وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ. انظر الميزان (٧/ ٣١١) التهذيب (١١/ ٣٨٢).
أمّا اللفظ الذي ورد في السؤال فقد أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (رقم: ١٥٢٩) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄، وقال: هذا حديث لا يصحّ، والإفريقي ضعيف بمرّة. اهـ، والإفريقي هذا هو: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، ترجم له الحافظ الذهبي في الميزان (٤/ ٢٧٩ رقم: ٤٨٧١)، ونقل كلام أئمّة الجرح فيه، وساق له أحاديث، هذا منها، وعزاه لابن أبي الدنيا في بعض تواليفه. وانظر الكامل لابن عدي (٤/ ٢٧٩) التهذيب (٦/ ١٥٧).
1 / 39