كتاب المصابيح من أخبار المصطفى والمرتضى

أبو العباس الحسني ت. 353 هجري
161

كتاب المصابيح من أخبار المصطفى والمرتضى

تصانيف

التاريخ

[حوار ومساءلة بين عمر وابن عباس]

[133] أخبرنا ابن الهيثم بإسناده عن ابن عباس قال: دخلت على عمر بن الخطاب - وكان لي مكرما، وكان يلحقني بعلية الرجال - فتنفس يوما تنفس الصعداء ظننت أن أعضاءه ستنقصف، فأردت مساءلته، فتمثلت له بأبيات من شعر نابغة، قال قلت: قاتل الله نابغة بني ذبيان حين يقول:

فإن يرجع النعمان نفرح ونبتهل .... ويأت معدا غيثها وربيعها

ويرجع إلى غسان ملك وسؤدد .... وتلك المنى لو أننا نستطيعها

وإن يهلك النعمان بعد مطيه .... ويحيا في خوف العنان فطوعها

وتنحط حصان آخر الليل بحطة .... تقضب منها أو تكاد ضلوعها

على إثر خير الناس إن كان هالكا .... وإن كان في جنب الفراش ضجيعها

قال: يا بن عباس، كأنك ترى أن صاحبك لها أهل؟!

قال: قلت: أوليس لها أهل في قرابته وصهارته وسابقته؟

قال: بلى، ولكنه امرؤ فيه دعابة.

قال: فعبد الرحمن بن عوف.

قال: رجل ضعيف لوصار الأمر إليه جعل خاتمه في يد امرأته.

قلت: فالزبير.

قال: يلاطم في البقيع على مد من بر.

قلت: فطلحة.

قال: ذوالبأو بإصبعه.

قال: قلت: سعد.

قال: صاحب فرس وسلاح.

وأخرت عثمان، قال: قلت: فعثمان.

قال: أوه أوه، والله لئن صار الأمر إليه ليحملن آل أبي معيط على رقاب الناس، والله لئن حمل آل أبي معيط على رقاب الناس لينهضن الناس إلى عثمان فليقتلنه، والله لئن فعلت به ليفعلنها، والله لئن فعلها ليفعلن به. يابن عباس، لو كان فيكم مثل أبي عبيدة بن الجراح ما شككت في استخلافه ولوكان فيكم سالم مولى أبي حذيفة لم أشك في استخلافه، ولو كان فيكم مثل معاذ بن جبل لم أشك في استخلافه.

فقال رجل: ألا أدلك عليه؟ عبد الله بن عمر.

فقال: قاتلك الله، والله ما أردت الله بهذا، كيف أستخلف رجلا عجز عن طلاق امرأته! لا إرث لنا في أموركم، ماحمدتها فأرغب فيها لأحد من أهلي؛ بحسب آل الخطاب أن يحاسب منهم رجل واحد، فيسأل عن أمر أمة محمد، وإن نجوت كفافا لاوزرا ولا أجرا إني إذن لسعيد.

صفحة ٢٥٩