مصابيح السنة
تأليف
الإمام محيي السنة، ركن الدين، أبي محمد الحسين بن مسعود ابن محمد الفراء البغوي
(٤٣٣ هـ - ٥١٦ هـ)
تحقيق
الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي
محمد سليم إبراهيم سمارة
جمال حمدي الذهبي
[المجلد الأول]
صفحة غير معروفة
جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة للناشر
الطبعة الأولى، ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
دَار الْمعرفَة للطباعة والنشر والتوزيع
مستديرة المطار - شَارِع البرجاوي
ص. ب: ٧٨٧٦ تليفون: ٨٣٤٣٠١ - ٨٣٤٣٣٢ - برقيًا معرفكار بيروت - لبنان
1 / 2
مصَابيحُ السُّنَّة
[١]
1 / 3
من أقوال العلماء في البغوي وكتابه
• الشيخ الإِمام العلّامة، القدوة الحافظ، شيخ الإِسلام، محيي السنّة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفرّاء البغوي، الشافعي، المفسّر، صاحب التصانيف كشرح السنّة، ومعالم التنزيل، والمصابيح، وكتاب التهذيب في المذهب، والجمع بين الصحيحين، والأربعين حديثًا، وأشياء.
(شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء ١٩/ ٤٣٩)
• كان إمامًا جليلًا، ورعًا زاهدًا، فقيهًا محدّثًا مفسّرًا، جامعًا بين العلم والعمل، سالكًا سبيل السلف، له في الفقه اليد الباسطة. . وقدره عالٍ في الدين وفي التفسير وفي الحديث وفي الفقه، متّسع الدائرة نقلًا وتحقيقًا.
(تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية ٤/ ٢١٤)
• وكان كتابُ "المصابيح" الذي صنَّفه الإِمام محيي السنّة، قامع البِدعة، أبو محمد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي، رَفَعَ اللَّهُ درجته، أَجْمَعَ كتابِ صُنِّفَ في بابه، وأَضْبَطَ لشوارد الأحاديث وأوابدِها.
(الخطيب التبريزي، مشكاة المصابيح، المقدمة)
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تمهيد
إن الحمدَ للَّهِ، نحمَدُهُ ونستَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونعوذ باللَّه من شُرور أَنْفسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].
أما بعد، فهذا كتاب "مصابيح السنّة" من تأليف الإِمام المفسّر المحدّث الفقيه محيي السنّة وركن الدين، أبي محمد الحُسين بن مسعود بن محمد الفرّاء البغوي (٥١٦ هـ) وهومن أهم مصادر السنّة النبوية الشريفة، نظرًا لما تضمَّن مِنْ أحاديث في مختلف أبواب الدين، رواها البغويُّ بأسانيده المتّصلة إلى النبي ﷺ، ولكنه حذف أسانيده طلبًا للاختصار، وذكرها في سائر تصانيفه لمن طلبها. ولم يُودِع فيه مِنَ الأحاديث إلّا ما وافق وُجودُه في الكتب الستّة وغيرها ممَّا أجمعت الأمّة على قبوله، فصار الكتاب بذلك كالمستَخْرَج على هذه الكتب. فاحتلّ بذلك مرتبةً عالية من بين مصادر
1 / 7
الحديث الشريف، وأقبل العلماء عليه إقبالًا شديدًا، وألّفوا حوله الكتب الكنيرة، ما بين شرح، وتخريج.
وقد جعل البغوي أحاديثه قسمين تحت كل باب، صِحاحًا وحِسانًا، مريدًا بالصحاح: ما أخرجه الشيخان البخاري (٢٥٦ هـ) ومسلم (٢٦١ هـ) أو أحدهما، وبالحسان: ما أخرجه سائر الأئمة، مالك (١٧٩ هـ) والشافعي (٢٠٥ هـ) والدارمي (٢٥٥ هـ) وأحمد (٢٤١ هـ) وأبي داود (٢٧٥ هـ)، والترمذي (٢٧٩ هـ) والنسائي (٣٠٣ هـ) وابن ماجة (٢٧٥ هـ) وغيرهم، وهو اصطلاح خاص به، لكن معظم هذه الأحاديث من الصحاح باصطلاح الجمهور. وما كان فيه من ضعيف أو مرسل أو منسوخ أو معلول أو منكر ساقه لضرورة، فقد بَيَّنه وأوضحه.
وقد قمنا بتحقيق هذا السفر النفيس من كتب السنّة النبوية المطهّرة، ليخرج بين يدي القارئ بطبعة محققة محررة، فقدَّمنا للكتاب بمقدمة بيَّنَّا فيها قيمته العلمية، وخرجنا أحاديثه، وعلَّقنا عليه بما يليق بجلالة قدره ويفيد المُطالِع فيه. كما ضممنا إليه في مقدمتنا أجوبة الحافظ ابن حجر العسقلاني عن (١٨) حديثًا رماها الإِمام أبو حفص القزويني (٧٥٠ هـ) بالوضع، وقد جاءت في الصفحات (٧٧ - ٩٦).
وإننا نتوجه بالشكر العميم لمن كانت لهم أيادٍ بيضاء في إخراج هذا الكتاب لا سيّما الإِخوة رياض عبد اللَّه عبد الهادي، ومحمد عبد الرحمن المرعشلي وعامر البوتاري الذين ساهموا في تصحيح تجاربه، ووضع فهارسه. ورجاؤنا بهذا العمل شفاعة نبيِّنا المصطفى ﷺ يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللَّه بقلب سليم، واللَّه المستعان، وعليه التكلان، والحمد للَّه أولًا وآخرًا، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه
يوسف المرعشلي
بيروت، ١ ذي القعدة ١٤٠٥ هـ
1 / 8
مقدمة التحقيق
• دراسة المصادر المعتمدة في التحقيق.
• ترجمة الإمام البغوي.
• أهمية كتاب "مصابيح السنّة".
• أجوبة الحافظ ابن حجر العسقلاني عن أحاديث "المصابيح".
• منهج التحقيق ووصف النسخ الخطية للكتاب.
1 / 9
دراسة المصادر المعتمدة في التحقيق
جرت عادة العلماء من أئمتنا ﵏ بذكر مصادرهم في مطالع كتبهم قبل الشروع فيها، ويعتبر هذا المنهج العلمي من أسمى مناهج الأمانة العلمية وأعلى درجات التوثيق.
كما أن بذكر المصادر فائدة تحصل للقارئ، حيث أن قيمة الكتاب من قيمة مصادره المأخوذ منها، فإن كانت مصادره قوية موثوقة معتمدة عند جمهور العلماء، ارتاح إليها القارئ وحصل عنده طمأنينة في قراءته.
حدثني الشيخ حسين أحمد عُسَيْران قراءة عليه، عن شيخه محمد العربي العَزُّوزِي، عن حسن عويدان الفيتوري الطرابلسي، عن صالح الفُلّاني المدني، عن محمد بن محمد فُلّاني، عن أحمد بن علي الشنّاوي عبّاسي، عن غَضَنْفَر الشريف النقشبندي، عن تاج الدين بن أحمد الكازروني عبد الرحمن، عن أبي الفتوح أحمد الطاوسي، عن المعمر بابا يوسف الهروي عن محمد بن شادابخت الفرغافي الفارسي، عن المعمّر أبي لقمان أحمد بن يحيى بن عمّار بن مقبل بن شاهان الختلاني، عن محمد بن يوسف الفربري، عن الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا مسدّد قال حدثنا بشر قال حدثنا ابن عون عن ابن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ذكر
1 / 11
النبي ﷺ قال في حجته: "لِيُبَلّغِ الشاهِدُ الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أدعى له منه". (١)
وحدثني الشيخ حسين أحمد عُسَيْران إجازة، عن شيخه محمد العربي العَزُّوزِي، عن محمد بن جعفر الكتاني، عن علي بن ظاهر الوتري المدني، عن عبد الغني، عن والده أبي سعيد، عن عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم العمري، عن والده محمد وفد اللَّه المكي، عن حسين بن علي العُجَيْمي وعبد اللَّه بن سالم البصري كلاهما عن عيسى المغربي، عن سلطان بن أحمد المزاحي، عن أحمد بن خليل السبكي، عن نجم الغَيْطي، عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، عن الحافظ ابن حجر العسقلاني، عن أبي العباس أحمد ابن أبي بكر الحنبلي، عن عثمان بن محمد التُّوزَري، عن أبي بكر محمد بن يوسف بن مُسْدي، عن أبي جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن مضاء، عن أحمد بن عبد اللَّه بن جابر الأزدي، عن عبد اللَّه بن علي بن محمد الباجي، عن محمد بن أحمد بن عبد اللَّه الباجي، عن أبي العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن ماهان البغدادي عن أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر، عن أبي محمد أحمد بن علي بن الحسين القلانسي عن الإمام مسلم قال: حدثنا حسن بن الربيع، حدثنا حمّاد بن زيد، عن أيوب وهشام، عن محمد بن سيرين قال: "إن هذا العِلْمَ دِينٌ، فانظروا عَمَّنْ تَأخذون دينكم" (٢).
مصادر البغوي في هذا الكتاب:
وقد ذكر الإِمام البغوي مصادره التي اعتمد عليها في تأليف هذا الكتاب، فقال في مقدمته: (أما بعد، فهذه ألفاظ صدرت عن معدن النبوة وسنن سارت عن معدن الرسالة وأحاديث جاءت عن سيد المرسلين وخاتم
_________
(١) من حديث لأبي بكرة ﵁، رواه البخاري في صحيحه ١/ ١٥٨، كتاب العلم (٣)، باب قول قول النبي ﷺ: "رُبَّ مُبَلَّغ" (٩)، الحديث (٦٧).
(٢) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه ١/ ١٤، باب بيان أن الإسناد من الدين (٥).
1 / 12
النبيين هُنَّ مصابيح الدجى خرجت عن مشكاة التقوى مما أورده الأئمة في كتبهم)، ثم إنه حدَّد أسماء هؤلاء الأئمة في آخر كتاب المناسك، فقال: (فالصحاح منها ما أورده الشيخان محمد البخاري، ومسلم في كتابيهما الصحيحين) وقال: (وأردت بالحسان ما لم يخرّجاها في كتابَيْهما وخرّجها غيرهما من الأئمة مثل: أبي داود السجستاني، وأبي عيسى الترمذي، والنسائي. .)، ويُفهم من قوله: (مثل) أنه لم يعين جميع مصادره وأن هناك كثيرًا من الأئمة خرّج عنهم أحاديث كتابه سوى ما ذكر.
وقد اتبعنا في تحقيق الكتاب منهجًا يعتمد على تخريج أحاديثه وردَّها لمصادرها الأصلية، واستعنّا في ذلك بالكتب التي وضعها الأئمة في تخريج أحاديث الكتاب نفسه، كما كان منهجنا في التحقيق أيضًا شرح غريب ألفاظ الأحاديث، والتعريف بأعلامه، وأماكنه، والتعليق على بعض أحاديثه، ورجعنا في ذلك لمصادر اللغة والغريب، وكتب التراجم والأعلام، والأماكن والبلدان. . وسنتكلم في هذه الدراسة عن مصادرنا موزعة حسب موضوعاتها، ونبيّن قيمة كل مصدر في عملنا، ومدى صلته بهذا الكتاب من قريب أو بعيد، وقد أفردنا في آخر الكتاب ثبتًا بأسماء هذه المصادر والمراجع رتّبناه حسب التسلسل الألفبائي لأسماء المؤلفين، حدّدنا فيها معلومات طبعه ونشره.
ما الفرق بين المصدر والمرجع؟
يخلط كثير من الباحثين بين المصدر والمرجع مع أنَّ بينهما فرق كبير، فالمصدر هو الكتاب الذي يجمع علمًا معينًا لأول مرة، فيكون مصدرًا لمن جاء بعده، كموطأ الإِمام مالك، ومسند أبي داود الطيالسي، وصحيحَيْ البخاري ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. . .
وأما المرجع، فهو الكتاب الذي يجمعه صاحبه من مصادر سابقة عليه في علم من العلوم بصياغة جديدة، ومن الأمثلة على ذلك الكتب التي وُضِعَت بعد القرن الخامس الهجري في الحديث، واقتبست أحاديثها من
1 / 13
المصادر الأولى ككتب النووي، والذهبي، وابن حجر، والزيلعي، والسيوطي. .
وتعود أهمية المراجع إلى أنها تجمع فوائد وفرائد حول المصادر، فتشرحها، أو تتكلم على رجالها نقدًا وتجريحًا، وعلى متونها تصحيحًا وتضعيفًا، وتمريضًا وتعليلًا، وقد تكتسب المراجع أهمية المصادر إذا تضمنت علومًا من مصادر مفقودة فتحفظها، أو غير منشورة، فتوفّرها للباحثين.
وقد قمنا في عملنا بردّ كل حديث لمصدره، وفي حال فقد هذا المصدر، كنا نستعين بالمراجع التي حفظت مادة المصدر المفقود فَنُحِيل إليها، أو نستعين بها لشرح غريب ألفاظ الحديث، وتراجم رجالها.
هل يعتبر كتاب مصابيح السنّة مصدرًا أم مرجعًا؟
جمع البغوي أحاديث هذا الكتاب بأسانيده المتصلة من شيوخه إلى النبي ﷺ، ولم يودعه من ألفاظ الأحاديث إلا ما وافق وجوده في الكتب الستة أو قاربه، نظرًا لمكانتها عند جمهور علماء المسلمين، وتقبّلهم لها بالقبول الحسن. وعلى ذلك فيمكن اعتبار هذا الكتاب كالمستخرج على الكتب الستّة، ومصدرًا من مصادر السنَّة. ونادرًا ما يخرّج فيه أحاديث لم يخرجها الأئمة الستّة في كتبهم وإذا فعل ذلك فلبيان حكم، أو زيادة إيضاح، كإيراده الحديثين (٣٥٢٤) و(٣٦٣٥).
أقسام مصادر التحقيق:
ويمكن حصر مصادر عملنا في التحقيق ضمن ثلاثة أقسام:
أولًا - مصادر الحديث الأصلية كالكتب الستة، وغيرها. . .
ثانيًا - المراجع الحديثية المساعدة في تخريج أحاديث الكتاب، كمشكاة المصابيح، وكشف المناهج ومرقاة المفاتيح وغيرها. . .
ثالثًا - معاجم الرجال، واللغة، والبلدان، والكتب، ودوائر المعارف، والموسوعات وغيرها. . .
1 / 14
أولًا: مصادر الحديث الشريف (*)
١ - الموطأ: للإِمام مالك بن أنس (١٧٩ هـ)، وهو من أقدم ما وصلنا من كتب الحديث النبوي الشريف، ويتضمن (١٨١٢) حديثًا وأثرًا بأسانيد عالية جدًّا، (ضافة للمسائل الفقهية الهامة، وهو مُرتَّب على كتب وأبواب الفقه، وقد روى الأئمة بعده أحاديثه بأسانيدهم، وضمّنوها في كتبهم، ومعظمها من الصحيح، وله روايات عديدة أضبطها رواية يحيى بن يحيى الليثي وقد اعتمدنا النسخةَ التي حقَّقها محمد فؤاد عبد الباقي، وذكر فيها تخريجات الحديث الموجود عند الشيخين البخاري ومسلم، وهي مضبوطة ومرقمة وفق "المعجم المفهرس"، وكنا نرجع "للمنتقى شرح الموطأ" للباجي، ولشرح الزرقاني في التعليق على أحاديث الموطأ.
٢ - مسند أبي داود الطيالسي: للحافظ سليمان بن داود بن الجارود (٢٠٤ هـ) وهو من أقدم المسانيد التي وصلتنا أيضًا، وتتضمن النسخة المطبوعة (٢٧٦٧) حديثًا، وهو ما وصلنا من أصل هذا المسند الكبير الذي فُقد الجزء الأكبر منه، وحفظته لنا مراجع المتأخرين، ككتب الزيلعي، والذهبي، وابن حجر، والسيوطي. وقد اعتمدنا الطبعة الصادرة عن دائرة المعارف العثمانية، والتي قامت بتصويرها دار المعرفة في بيروت وألحقتها بفهرس لأوائل الأحاديث.
٣ - مسند الشافعي: للإمام محمد بن إدريس (٢٥٤ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة التي رتَّبها محمد عابد السندي وسماها "ترتيب مسند الإمام الشافعي" والتي حققها يوسف علي الزواوي وعزَّت العطار الحسيني، وهي مرتَّبة على أبواب الفقه.
_________
(*) سردنا المصادر وفق التسلسل الزمني لوفيات أصحابها.
1 / 15
٤ - المصنّف: لعبد الرزاق الصنعاني (٢١١ هـ)، وهو كتاب كبير، يتضمن (١٩٤١٨) حديثًا بأسانيد عالية، وقد روى الأئمة هذه الأحاديث وضمنوها في كتبهم، وفيها عدد كبير من الصحيح، وقد اعتمدنا الطبعة التي حققها حبيب الرحمن الأعظمي، والصادرة عن المجلس العلمي بالهند.
٥ - مسند الحميدي: لأبي بكر عبد اللَّه بن الزبير (٢١٩ هـ)، وهو من المسانيد الأولى التي وصلتنا أيضًا، ويتضمن (١٣٠٠) حديثًا بأسانيد عالية، وقد اعتمدنا النسخة التي حققها حبيب الرحمن الأعظمي، والصادرة عن المجلس العلمي بالهند.
٦ - كتاب الأموال: لأبي عبيد القاسم بن سلام (٢٢٤ هـ)، وقد اشتمل على عدد كبير من أحاديث الخراج والزكاة والجهاد والفيء والغنيمة. . بلغت (١٩٩٨) حديثًا بأسانيد عالية ضمنها الأئمة في كتبهم، وكان اعتمادنا على الطبعة التي حققها محمد خليل هراس.
٧ - المصنف: لأبي بكر بن أبي شيبة، عبد اللَّه بن محمد (٢٣٥ هـ)، وهو كتاب كبير يشتمل على عدد كبير من الأحاديث الصحيحة العالية الأسانيد والتي ضمنها الأئمة في كتبهم، وقد اعتمدنا الطبعة التي اعتنى بها عامر عمر الأعظمي، والصادرة في حيدرآباد بالهند.
٨ - المسند: للإِمام أحمد بن حنبل (٢٤١ هـ)، وهو مِن أوسع دواوين السنَّة، ويحتوي على (٣٠٠٠٠) حديثًا تقريبًا، وكان اعتمادنا على الطبعة الأولى منه، والتي طبعت في المطبعة الميمنية بالقاهرة، لمطابقتها للمعجم المفهرس لألفاظ الحديث، وكنا نستعين بشرحه "الفتح الربّاني" الذي وضعه الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا، وله فيه تعليقات وتخريجات على أحاديث المسند.
1 / 16
٩ - سنن الدارمي: لأبي محمد عبد اللَّه بن عبد الرحمن (٢٥٥ هـ)، وهو من السنن المعتبرة عند المحدّثين التي اشتملت على عدد كبير من الأحاديث الصحيحة، وقد اعتمدنا الطبعة التي حققها محمد أحمد دهمان.
١٠ - صحيح البخاري: المسمى بالجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول اللَّه ﷺ، للإمام أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل (٢٥٦ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة المطبوعة مع شرحه "فتح الباري" لابن حجر، الذي قام بضبطه وترقيم كتبه وأبوابه المرحوم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، وفق المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، والذي حفل بشروحات وتعليقات وتخريجات الحافظ ابن حجر.
١١ - صحيح مسلم: المسمّى بالجامع الصحيح، للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج (٢٦١ هـ)، وقد رجعنا للنسخة التي قام بضبطها وتحقيقها وترقيمها الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، لمطابقتها أيضًا للمعجم المفهرس، وكنا نرجع لشرح الإمام النووي عليه للتعريف بغريب أحاديثه، أو التعليق عليه.
١٢ - سنن أبي داود: للإِمام سليمان بن الأشعث السجستاني (٢٧٥ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة التي قام بتحقيقها وترقيمها الأستاذان عزّت الدعّاس وعادل السيّد، وهي قريبة بترقيمها من المعجم المفهرس، وكنا نرجع لمختصر المنذري، وشرح الخطَّابي، ومختصر ابن القيِّم فنستفيد من تخريجاتهم وتعليقاتهم، والكتب الثلاثة مطبوعة بتحقيق الشيخ أحمد شاكر ﵀، ومجموعة في كتاب واحد.
١٣ - سنن الترمذي، أو الجامع الصحيح: للإمام محمد بن عيسى بن سورة (٢٧٩ هـ) وقد اعتمدنا النسخة التي حقَّقها المرحوم أحمد شاكر،
1 / 17
وأكملها المرحوم محمد فؤاد عبد الباقي وابراهيم عطوه عوض وهي مرقمة، وقريبة من المعجم المفهرس، وكنَّا نرجع لشرح ابن العربي المالكي عليها، لضبط ألفاظها وشرح غريبها.
١٤ - سنن النسائي الصغرى، المعروف بالمجتبى من السنن: للإمام أحمد بن شعيب بن علي (٣٠٣ هـ)، وقد اعتمدنا النسخةَ التي طبع معها شرح الإمام السيوطي، وحاشية السندي بعد أن قمنا بترقيم كتبها وأبوابها وفق "المعجم المفهرس"، فإن وَجَدْتَنا نُحِيلُ في الحواشي إليه بذكر رقم الكتاب والباب، فهو من عملنا.
١٥ - سنن ابن ماجه: لأبي عبد اللَّه محمد بن يزيد (٢٧٥ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة التي حقَّقها الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، وهي مطابقة "للمعجم المفهرس"، وفيها زوائد السيوطي وحكمه على أسانيد الأحاديث، كما كنا نستعين بزوائد البوصيري، المسمى "مصباح الزجاجة" وله فيه تعليقات على أحاديثه.
١٦ - مسند أبي يعلى الموصلي: للإمام أحمد بن علي بن المثنَّى (٣٠٧ هـ)، وقد اعتمدنا الطبعة التي حققها حسين سليم أسد، وقد صدر منها حتى كتابة هذه السطور ست مجلدات، كما رجعنا لكتاب "المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي" للهيثمي نور الدين علي بن أبي بكر (٨٠٧ هـ)، ولكتاب (مجمع الزوائد) لتخريج الأحاديث الموجودة في القسم الذي لم يطبع من المسند بعد.
١٧ - صحيح ابن خزيمة: لأبي بكر محمد بن إسحاق (٣١١ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة التي حقَّقها الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، وهي نسخة ناقصة غير كاملة، وهي ما عثر عليه المحقق من الأصل المخطوط.
1 / 18
١٨ - المستخرج على صحيح مسلم -أو- مسند أبي عوانة: ليعقوب بن إسحاق الإسفرائيني (٣١٦ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة التي حققها عبد الرحمن اليماني، والصادرة عن دائرة المعارف العثمانية بالهند.
١٩ - شرح معاني الآثار: لأبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي (٣٢١ هـ)، وقد اعتمدنا الطبعة التي حققها محمد زهري النجار ومحمد سيّد جاد الحق.
٢٠ - صحيح ابن حبان، المسمى "الأنواع والتقاسيم": لمحمد بن حبان البستي (٣٥٤ هـ)، وقد اعتمدنا النسخَةَ التي رتَّبها ابن بلبان علاء الدين الفارسي، وسمّاها "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" والتي ضبطها وعلَّق عليها الأستاذ عبد الرحمن محمد عثمان، ولكنه لم يكمل التحقيق، وقد استفدنا من القسم المطبوع منه، وكنا نرجع فيما لم يتوفر لنا من أحاديثه لكتاب "موارد الظمآن في زوائد ابن حبَّان" للحافظ الهيثمي، وله فيه تعليقات على أحاديثه.
٢١ - المعجم الكبير: للطبراني، أبي القاسم سليمان بن أحمد (٣٦٠ هـ)، وهو كتاب كبير مرتب على أسماء الصحابة، وقد اعتمدنا الطبعة الأولى التي حققها حمدي عبد المجيد السلفي في بغداد.
٢٢ - المعجم الصغير: للطبراني أيضًا، وهو مرتب على أسماء شيوخه، وقد اعتمدنا الطبعة التي صدرت في دلهي بالهند.
٢٣ - سنن الدارقطني: لأبي الحسن علي بن عمر (٣٨٥ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة التي حققها الشيخ اليماني، ومعها "التعليق المغني" للعظيم آبادي الذي علَّق على أحاديثه وخرجها.
1 / 19
٢٤ - المستدرك على الصحيحين: للحاكم النيسابوري، أبي عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه (٤٠٥ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة التي طبعت في حيدرآباد وطبع بأسفلها "تلخيص المستدرك" للذهبي، وله فيه تعليقات على أحاديث الحاكم.
٢٥ - السنن الكبرى: للبيهقي، أحمد بن الحسين بن علي (٤٥٨ هـ)، وقد اعتمدنا النسخة التي طبعت في حيدرآباد، وبأسفلها "الجوهر النقي في اختصار سنن البيهقي" للتركماني، وكنا نرجع لمختصر السنن للذهبي، الذي طبع منه مجلدان في مصر، وتوقف عند آخر كتاب الصلاة، وله فيه تعليقات على أحاديثه.
٢٦ - شرح السنَّة: للبغوي صاحب هذا الكتاب نفسه، وهو كتاب كبير ضمنه كثيرًا من أحاديث المصابيح بأسانيده مع شرح لغريب ألفاظها واستنباطاتها الفقهية، وكان من أهم مصادرنا في التحقيق لا سيما في تحديد ألفاظ الأحاديث التي رواها البغوي ووقع فيها اختلاف عن ألفاظ الأئمة، وقد أشرنا لهذا الاختلاف في حواشينا. وقد اعتمدنا الطبعة التي حققها شعيب الأرنؤوط ومحمد زهير الشاويش.
هذا بالإضافة إلى مصادر حديثية أخرى من الكتب المؤلفة في مواضيع متنوعة، منها كتب التفسير "كتفسير" الطبري و"تفسير وعبد الرزاق". . والفقه "ككتاب الأم" للشافعي، والتاريخ "كتاريخ الطبري" و"تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي، والأجزاء الحديثية المفردة كجزء "القراءة خلف الإمام" للبخاري، و"القراءة خلف الإمام" للبيهقي، و"عمل اليوم والليلة" للنسائي، و"عمل اليوم والليلة" لابن السني، و"المراسيل" لأبي داود، و"المراسيل"
1 / 20
لابن أبي حاتم، و"علل الحديث" لابن أبي حاتم الرازي وغيرها. . وقد أشرنا لهذه المصادر في الحواشي.
ثانيًا: المراجع الحديثية
وهي الكتب التي استعنا بها في تخريج أحاديث الكتاب أو التعليق على الضعيف منها والحكم على أسانيدها ومتونها، ونقصد بالمراجع الكتب التي وضعت بعد القرن الخامس الهجري، وتناولت بالشرح، أو التعليق مصادر الحديث التي وضعت قبل هذه الفترة. ذلك أن المحدِّثين لم يعتبروا الرواية بالإِسناد منذ أواسط القرن الرابع الهجري تقريبًا، وفي ذلك يقول الإمام البيهقي (٤٥٨ هـ) فيما ينقله عنه ابن الصلاح في "مقدمته" ص ١٠٨:
(فَمَنْ جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يُقبَل منه، ومَنْ جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته. والحجة قائمة بحديثه برواية غيره، والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلًا بـ (حدثنا) و(أخبرنا)، وتبقى هذه الكرامة التي خُصت بها هذه الأمة شرفًا لنبيِّنا المصطفى ﷺ)
ولا يستغني الباحث في علوم الحديث الشريف عن كتب المتأخرين كالإِمام النووي، وابن القطان، والمنذري، والذهبي، والعراقي، والزيلعي، وابن حجر. . لما تضمنت من فوائد وأحكام حول دواوين السنّة الأصلية، وجمعٍ لشتات أقوال الأئمة فيها.
أما المراجع التي استعنّا بها في عملنا، فمنها ما يدور حول كتاب "المصابيح" نفسه كشروحاته، وتخريجاته، ومنها مراجع عامة في التخريج والشرح.
1 / 21
١ - المراجع المتعلقة بكتاب "المصابيح":
تيسَّر لنا -بعون اللَّه- عند تحقيق الكتاب أربعة مراجع تتعلق بالكتاب، واحد منها مخطوط، وثلاثة مطبوعة، وهي -حسب التسلسل الزمني لوفيات أصحابها:
١ - مشكاة المصابيح: للخطيب التبريزي، أبي عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه المتوفى بعد سنة (٧٣٧ هـ)، وهو من أشهر كتب تخريج أحاديث المصابيح وأوسعها انتشارًا، وقد قام فيه الخطيب التبريزي بتكميله وتذييل أبوابه، فذكر الصحابي الذي روي الحديث عنه، وذكر الكتاب الذي أخرجه منه، وزاد على كل باب من صِحاحه وحِسانه فصلًا ثالثًا. وقد استفدنا منه في تخريج أحاديث الكتاب وتعيين رواة أحاديثه.
لكنه اقتصر في تخريجه الحديث على بعض المصادر مع وجوده في غيرها، وله فيه أوهام كثيرة ذكرناها في مواضعها من الحواشي، فهو يعزو الحديث أحيانًا للشيخين، ويكون عند أحدهما فقط، ولا يكون الحديث متفقًا عليه لا لفظًا ولا معنى، وفي مثل هذه الحالة، كنا نفترض أن كلامه صحيحًا حتى يثبت لنا خطؤه بعدم وجود هذا الحديث في الكتاب الذي نصَّ عليه مع الاستئناس بتخريجات غيره من الأئمة للحديث. كالحديث (٣٠٣٨) عن ابن عمر في كتاب الجهاد، باب قسمة الغنائم والغلول فيها من قسم الصحاح من كتاب "المصابيح" قال: "نفلنا رسول اللَّه ﷺ نفلًا سوى نصيبنا من الخمس، فأصابني شارِفٌ" والشارِف المسنّ الكبير. فقد عزاه الخطيب التبريزي في المشكاة ٢/ ١١٦٩، الحديث (٣٩٩١) فقال: (متفق عليه)، ولم نجده عند البخاري لا بلفظه، ولا بمعناه، وانفرد به مسلم، وكذا قال المِزّي في
1 / 22
تحفة الأشراف ٥/ ٤٠٩، الحديث (٧٠٠٥).
كما أنه يهم في تعيين راوي الحديث أحيانًا، مثاله حديث: "إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة" في أول كتاب اللباس، قسم الصحاح في "المصابيح" جعله الخطيب التبريزي في المشكاة ٢/ ١٢٤١، الحديث (٤٣٢٠) من رواية ابن عمر، وهو من رواية ابن عمر عن عمر ﵁ كما جاء في صحيح البخاري ١٠/ ٢٨٥، وصحيح مسلم ٣/ ١٦٣٩، وقد نوّه الملا علي القاري في المرقاة ٤/ ٤١٨ لهذا الأمر فقال: (وفي الجامع الصغير رواه أحمد والشيخان وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن عمر).
والكتاب مطبوع ومتداول، وله عدة طبعات اعتمدنا منها النسخة التي حققها محمد ناصر الدين الألباني.
٢ - كشف المناهج والتناقيح في شرح أحاديث المصابيح: للسلمى المناوي، صدر الدين أبي عبد اللَّه محمد شرف الدين بن إبراهيم السلمي الشافعي (٧٤٨ هـ)، وقد عيّن فيه رواة الأحاديث من الصحابة، وذكر مخارج الأحاديث فذكر البخاري مثلًا، وحدَّد الكتاب الذي وُجد الحديث فيه داخل صحيح البخاري ككتاب الجهاد، وعلق على بعض الأحاديث تعليقات حديثية وفقهية على المذهب الشافعي تدل على تمكّن في العلم، وبالإجمال، فهو أكثر فائدة من كتاب الخطيب التبريزي وقد رجعنا للنسخة الخطية المحفوظة بمكتبة برلين، وهي عبارة عن الجزء الثاني فقط، وتبدأ من كتاب الإمارة والقضاء، ويرجع تاريخ نسخها لسنة سبع وتسعين وسبعمائة، وتجد الكلام عليها في ص (٦٦) من هذه المقدّمة.
1 / 23