وقد روى العلامة ابن أبي الحديد أن أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال لبعض أصحابه: يا فلان ما لقينا من ظلم قريش إيانا، وتظاهرهم علينا، وما لقي شيعتنا ومحبونا من الناس، إن رسول الله قبض وقد أخبر أنا أولى الناس بالناس فتمالت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه، واحتجت على الأنصار بحقنا وحجتنا، ثم تداولها قريش واحد بعد واحد. إلى قوله عليه السلام: ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء، وعمال السوء في كل بلدة فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة، ورووا عنا ما لم نقله أو نفعله ليبغضونا إلى الناس، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد الحسن عليه السلام فقتلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة، ومن ذكر بحبنا والإنقطاع سجن أو نهب ماله، أو هدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمن عبيد الله بن زياد قاتل الحسين، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتله، وأخذهم بكل ظنة وتهمة، حتى إن الرجل يقال له: زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقول: شيعة علي، وحتى صار الرجل الذي يذكر بالخير، ولعله يكون ورعا صدوقا يحدث بأحاديث عظيمة من تفضيل بعض ما قد سلف من الولاة، ولم يخلق الله شيئا منها ولا كانت ولا وقعت، وهو يحسبها أنها حق لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا قلة ورع.
صفحة ١٥٩